لكل قبيلة أو جهة عادة لغوية تميزها عن غيرها وهي ما تعارف الناس الآن على تسميتها لهجة: تتحكم فيها عند نطقها بالألفاظ وأدائها للكلمات ويلحظها من استمع إلى المتكلمين بها فلا يكاد يخطئ في إلحاق المتحدث بقبيلته أو جهته إذا أوتي شيئا من الدراية بتلك اللهجات، وهذه العادة كانت تندرج قديما تحت كلمة اللغة حيث أطلقوها في الصدر الأول على عدة معان.
١ - على الخلاف بين القبائل في إعرابها الكلمات وبنائها وصيغها؛ حكى علي بن محمد النوفلي قال سمعت أبي يقول لأبي عمرو: خبرني عما وضعت مما سميته عربية أيدخل فيه كلام العرب كله؟ فقال لا. فقلت كيف تصنع فيما خالفتك فيه العرب وهو حجة؟ قال أعمل على الأكثر وأسمى ما خالفني لغات.
٢ - على تباين الألفاظ التي تترادف على معنى واحد. وذلك مثل ما يرد في معاجم اللغة كقولها: الزمهرير القمر بلغه هذيل.
٣ - على طريقة أداء الكلمات وإعطائها نغمة أو غنة تميزها عن غيرها من القبائل كالإمالة والتسهيل والتفخيم والترقيق. وذلك مثل ما يروى في كتب اللغة والأدب من قولها: وليست الإمالة لغة جميع العرب، وأهل الحجاز لا يميلون، وأشدهم حرصا عليها بنو تميم.
وفي الحديث عن صفوان بن سالم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ يحيى قيل له يا رسول الله تميل وليس هو لغة قريش؟ فقال هو لغة الأخوال بني سعد.
ويروى أن أبا عمرو كان أوسع علما بكلام العرب ولغاتها وغربيها، وأن سيبويه أخذ النحو عن الخليل ويونس وعيسى ابن عمر وغيرهم وأخذ اللغات عن أبي الخطاب الأخفش الكبير.
أما اللغة باصطلاحنا الحديث فقد كانت تسمى اللسان. والقرآن الكريم لم يستعمل غيرها عند إرادتها.
(وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) سورة إبراهيم. (لسان الذي يلحدون إليه أعجمي