ثم ماذا؟ ثم يقول الأستاذ سيد قطب في ثالث أدلته على أحكامه:(يقول العقاد في طرافة ودعابة عن حِسان شاطئ استانلي!!
ألقى لهن بقوسه ... قزح وأدبر وانصرف
فلبسْنَ من أسلابه ... شتى المطارف والطرف
فلا يجد الرافعي في هذه الطرافة إلا أن يتلاعب بالألفاظ فيقول: فقزح لا يلقي قوسه أبداً إذ لا ينفصل منه قال في اللسان: (لا يفصل قزح من قوس). فإذا أمتنع فكيف يقال:(أدبر وانصرف). أما قزح العقاد، فلعل الخواجه قزح المالطي مراقب المجلس البلدي على شاطئ استانلى الذي قيلت فيه القصيدة
ثم يقول إن هذا المثال (فيه تلاعب وروغان، وهو في هذه المرة (التلاعب) أخسُ من السابقة، ففي الأولى كان تلاعباً بصورة ذهنية، وهو هنا تلاعب بألفاظ لغوية!)
أولاً، فمن ذا الذي يغفل عن طرافة هذا (الخيال) الذي يتصور (قزحاً) ملقيا بقوسه لهؤلاء الحسان، وهن يتناهبن هذه الأسلاب، بينما هو مدبر منصرف مغلوب على أمره، لا يستطيع النصفة ممن غلب جمالهن جماله!
ألا تستحق مثل هذه الطرفة، ومثل تلك الحيوية! من الناقد إلا أن يذهب إلى القاموس أو اللسان، ينظر هنالك، هل يفصل قوس عن قزح أو لا يفصل؟ ثم يكمل الكلام بتهكم بارد لا يرد على الفطرة المستقيمة في معرض هذا الجمال!!
أهذا هو النقد الذي هو (أقرب إلى المثال الصحيح)؟ وما قلته في المثال الثاني يقال بنصه هنا، فلترجع إليه جماعة الأصدقاء
ثم يعود فيقول عن هذا المثال أنه يمثل (تلاعبه بالألفاظ اللغوية، والوقوف بها دون ما تُشعه في الخيال من صور طريفة) انتهى كلام الأستاذ الجليل
ومن أعجب العجب أن يعد اعتراض الرافعي ونقده هذا البيت تلاعباً بالألفاظ اللغوية، ولا يكون هذا الشعر نفسه قد بُني على التلاعب في غير طائل، وعلى تكلف اللفظ لترميم قافية