[١ - لحن الذكرى]
(سمع الشاعر أغنية ألفها منذ عهد فطرب لها وبعثت له كوامن
الذكريات. . .)
للأستاذ صالح علي الحامد العلوي
قَدْكَ يا شادي! ورفقاً يا وتَرْ! ... لستُ فولاذاً، ولا قلبي حجرْ!
لستُ إلا شاعراً تهفو به ... نُوَبُ الشوْق وأحلام الذكَر
كلما رَنَّتْ بسمعي نَغْمَةٌ ... فصمتْ عِقْدَ دموعي فانتثر!
رُبَّ لحنٍ ناطقٍ من وتَرٍ ... خاطبَ النفس فأشجاها وسر
ومُغَنٍ صانع ما لم يُطِقْ ... شاعرٌ إن نطق الشعرَ سَحَر
لُغةَ الوجدانِ، إن لم تدْرِها ... فاسأل القلبَ يُخَبِّرْكَ الخبر!
يالها أُغنيةً، في طيّها ... للهوى تاريخُ أُنسٍ قد غبر!
رَنَّ في نفسي صَداها مُوقِظاً ... ذكريات رقَدَتْ بين الفِكَر
يالهُ لحناً، على إيقاعهِ ... رقَصَ الدمعُ بعيني وطَفَر!
حبذا أيامُ أنسٍ، كم بها ... من برود اللهو مِسْنا في الحِبَر
فرصٌ جاَءتْ كما شاء الصِّبا ... هشَّ فيها الحظُّ وافترَّ القدَر
يا ربوع اللهو! هل من عَوْدة؟ ... يا رعى اللهُ زماناً فيكِ مر!
كم جنيْنا فيه أثمار المُنَى! ... وبلغنا منه غاياتِ الوَطَر!
رجِّعِ الصوت، وبلبل أنفُساً ... كم بها من لحنك الساري أثر!
مُحْيِياً مني مواتاً، كم طغت ... مَوْجةُ الحبّ عليه فازدهر
فأراني سابحاً في عالَمٍ ... رَفَّ في غُرِّ المعاني والصوَر
بانِياً ما بين أنقاضِ المنَى ... بُرُجاً من دونها أوْجُ القمر!
بُلبل الفنّ! أماناً! قد شَجى ... صوتك الطير، فرفقاً بالبشر!
رأْفةً بالقلب لا تَعْبَثْ به ... ولك السمعُ حلالاً والبصر!
٢ - الأوبة