وأما الرواية الثانية في سبب المنافرة بين الكميت وخالد بن عبد الله فقد نقلها أبو الفرج الأصبهاني من كتاب محمد بن يحي الخراز، قال حدثني احمد بن إبراهيم الحاسب، قال حدثني عبد الرحمن بن داود بن أبي أمية البلخي، قال كان حكيم بن عباس الأعور الكلبي ولعاً بهجاء مضر، فكانت شعراء مضر تجيبه ويجيبهم وكان الكميت يقول هو والله اشعر منكم. قالوا فاجب الرجل قال أن خالد بن عبد الله القسري محسن إلي فلا اقدر أن أرد عليه. قالوا فاسمع بإذنك ما يقول في بنات عمك وبنات خالك من الهجاء؛ وانشدوه ذلك، فحمى الكميت لعشيرته فقال المذهبة:
(ألا حُيِّيتِ عنَّا يا مَدِينا)
فاحسن فيها، وبلغ خالداً خبرها، فقال لا أبالي ما لم يجر لعشيرتي ذكر فانشدوه قوله:
ومن عجبٍ علي لَعَمْرُ أمٍّ ... غَذتْكَ وغير هتيَّا يمينا
تجاوزتَ المياهَ بلا دليلٍ ... ولا علم تَعَسُّفَ مخطئينا
فانك والتحوُّلَ من مَعَدٍّ ... كهيلةَ قبلنا والحالبينا
تخطتْ خيرهم حَلْباً ونَسْئاً ... إلى الوالي المغادر هاربينا
فبلغ ذلك خالداً فقال: فعلها والله لأقتلنه. ثم اشتري ثلاثين جارية بأغلى ثمن، وتخيرهن نهاية في حسن الوجوه والكمال والأدب، فرواهن الهاشميات، ودسهن من نخاس إلى هشام بن عبد الملك فاشتراهن جيمعاً. فلما انس بهن استنطقهن فرأى فصاحة وأدباً، فاستقرأهن القران فقرأن، واستنشدهن الشعر فأنشدنه قصائد الكميت الهاشميات، فقال: ويلكن من قائل هذا الشعر؟ قلن: الكميت زيد الأسدي، قال: وفي أي بدل هو؟ قلن: في العراق ثم بالكوفة، فكتب إلى خالد: أبعث إلي برأس الكميت بن زيد. فبعث خالد إلى الكميت في الليل فأخذه