للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من الأدب الإيطالي]

الليالي العشر

ترجمة اليوزباشي الأديب أحمد الطاهر

٢

قصة حب سيمون وأيفيجينا

قال: سمعت من القصص شيئاً كثيراً وكان أحبها إلى نفسي قصة الحب التي ستسمعون. هي قصة تريكم متا للحب من قوة وبأس بالغين الغاية في العجب، موفيين على النهاية في الغرابة

كان يسكن جزيرة قبرص في الزمن الخالي رجل عظيم القدر بين الرجال، واسع الثراء بين أصحاب المال، وكان أسمه (استيبوس)؛ غير أن الرجل لم يكن مكتمل الحظ من السعادة، فقد كان له ابن طويل القامة وسيم الطلعة، ولكنه ضعيف الإدراك سقيم الفهم مطبق الغباء. ولم يكن في وسع أبرع الأساتذة والمهذبين أن يوقظوا غفلته، أو يصقلوا طبيعته أو يهذبوا غلظته، فلم يجد الوالد بداً من أن يقصى هذا الفتى المنكود عن مرآه، ويبعده عن موطنه. فأرسله إلى منزل له في الريف يعيش فيه بين الأتباع والعبيد. ولقد كان الفتى أميل إلى طباع أولئك وأقرب: ففيه خشونتهم وجفاؤهم وغلظة طباعهم

- كان الفتى يوماً يمشي في المزرعة وقد أسند عصاه إلى كتفيه، واعتمد على طرفيها بذراعيه، فلقي فتاة بارعة الجمال مستغرقة في نوم عميق، قد اطمأنت إلى الحشائش الخضراء فراشاً وثيراً، ونام عند قدميها امرأتان وخادم. لم يكن لسيمون - وهذا أسم الفتى - عهد بوجوه النساء فاتكأ على عصاه، وحدق ببصره في وجه الفتاة، أن كانت بارعة الجمال في نومها، ساحرة الحسن في غمضها، هاج مرآها من نفسه شعوراً وإحساساً لا عهد له بهما ولا بأقل منهما، وكلما أمعن في النظر أزداد هذا الشعور وأسرف عليه هذا الأحساس، وإنهما ليغريانه بإطالة الوقوف وإمعان النظر فهو لا يريم، وينفرج جفنا الفتاة

<<  <  ج:
ص:  >  >>