أردت أن أكيد لصاحبتي فجعلت إليها (حمار الحكيم) وقلت لها: (أقرئي هذا الكتاب وستجدين فيع فصلاً يذكر المرأة المصرية بما أحب أن أعرف رأيك فيه) وقد كنت أعلم أن صاحبتي لن يسرها شيء مما أريدها أن تقرأه، فقد نال (حمار الحكيم) من المرأة المصرية نيلاً موجعاً، وقد كنت أعلم أيضاً أن صاحبتي طويلة اللسان لا تسكت على الضيم ولا الأذى، وانتظرت بعد أن تفرغ صاحبتي من القراءة أن استمتع بثورة من ثوراتها التي تشنها على خصومها، وكل ثوراتها حريفة تنفح النفس وتوقظ العقل.
كنت أنتظر ثورة ما، مهما تكن فإنها ثورة لا نظام لها ولا خطة ولا هدف محدد. ولكن الذي حدث شيء لم أكن أتوقعه، فقد كتبت لي بنت حواء فصلاً هو هادئ حقاً ولكنه مسمم نفثت فيه المرتورة كل ما احتبس في نفسها من الغل الذي ظل صاحب الحمار يلهبه ويشعله في نفوس بنات حواء منذ انطلق يكتب. . . وعلى ما في هذا الفصل من السم، فإن فيه لذة، وإني لذلك أعرضه على القراء لعل فيهم صديقاً للأستاذ توفيق الحكيم ينقذه من بين براثن هذه (الغولة) العاتية التي ترى بعينيها الحمراوين ما لا نراه نحن بعيوننا البريئة السالمة. . .
قالت وقانا الله شر أقوالها:
(يا حضرة الرجل
لا تحية ولا سلام. أول ما قرأت في هديتك هو هذا الكلام المطبوع على الشريط من الورق الذي لف به الأستاذ توفيق وبأمثاله نسخ كتابه. وهذا الكلام هو بنصه: (الأمة الحية) هي الأمة التي يبقي فيها (الفكر) قائماً بوظيفته و (الإنتاج الفكري) مستمراً على الرغم من نوازل العلل والخطوب والأهوال. . . ثم علامة استفهام، ونقطتان. . . فقلت في نفسي: