ها قد انتهت العطلة الصيفية بخمولها أو آذنت بالانتهاء. ودب في المعاهد التعليمية نشاطها وعادت إليها حركتها السنوية العادية، حركة القبول والرفض وتوفير المحال للطلاب. وهي حركة تشمل عدداً كبيراً من أبناء هذه البلاد وتشغل بال أولياء الأمور كما هو الحال في مثل هذه الأيام من كل عام. وهي حركة إن نمت عن شيء فهي تنم عن إقبال شباب الأمة فتيانها وفتياتها على معاهدنا سعياً وراء العلم والتعلم. وهي لا شك بشير الخير والبركة لو سار التعليم عندنا سيرته عند غيرنا، ولو اتجهت معاهدنا في توجيه أبنائها الاتجاه الصحيح الذي يدفع بالشباب إلى السبيل المستقيم سبيل الإنتاج، لأن حياة الأمم وعزها وقوتها في الإنتاج، والفرد غير المنتج، تكون حياته عديمة القيمة. فإلى أي حد يا ترى أصبح تعليمنا منتجاً؟ وإلى أي مدى يا ترى تعد مدارسنا أبناءها ليكونوا مواطنين منتجين؟ وكم في المائة منهم يلجون أبواب الإنتاج الفعلي بعد تخرجهم في معاهدهم؟ وهل تستطيع معاهد التعليم عندنا أن توافينا بعدد خريجيها في كل عام، وعدد من انخرطوا منهم في سلك الإنتاج والمنتجين، وعدد من أصبحوا منهم في عداد الموظفين، وعدد من بقوا عالة على أهلهم وصاروا في عداد المتعطلين؟
هذه أسئلة قد اعترضتني أثناء البحث الذي أجريته خاصاً بمؤلفي (التعليم والمتعطلون في مصر) ولم أستطع أن أجد لها حلاً وافياً لأني سألت كثيراً من المعاهد في ذلك، فلم يرد علي البعض ورد البعض الآخر رداً مقتضباً عديم القيمة، ولكن مدرسة واحدة هي مدرسة التجارة المتوسطة بالإسكندرية ردت علي رداً وافياً بإحصائية كاملة عن حالة خريجيها من سنة ١٩٣٠ إلى سنة ١٩٣٧ أوردتها بصفحة ٢٥٠ من مؤلفي السابق الذكر. ويتبين منها أن عدد خريجي هذه المدرسة بين العامين السابقي الذكر هو ٥٣١ منهم ٢٠١ موظفون في الحكومة أي بنسبة ٣٧. ٧ في المائة ومنهم ٩٨ موظفون في الشركات والمصارف أي بنسبة ١٨. ٥ في المائة ومنهم ١٦٥ متعطلون لا عمل لهم أي بنسبة ٣١. ١ في المائة ومنهم ٣٧ حالتهم مجهولة أي بنسبة ٧. ٢ في المائة ومنهم ٢٣ يزاولون أعمالاً حرة أي بنسبة ٤. ٣ في المائة، وقد ارتفعت نسبة المتعطلين في العام الأخير عام ١٩٣٧ ارتفاعاً