دعِ الحلم يذهب. اطمئن ولا تتزايل أعضاؤك من الفَرَق. أفليس في طيّات السُحُب المتلبدة من الأحلام الأخرى المستوردة عن ناظريك ما تستطيع أن تكسوه بعد، بشعاعات نورانية، وتذهّب أطرافه بومضات وهاجة تخترق بلألائها حجب الغمام الكثيف وتطرد جهامه القاتم، وتمحو ركامه الداكن؟
فما قيمة حلم يفوتك، من أضغاث الليل الضائعة؟
ألاَ دع ذلك الحلم الزائل يذهب
دع الأمل يغرب. تشجع. لا تجبنن ولا تتقاعس. أفلا يدّخر لك الغيب في أطوائه آمالاً أخرى لا تلبث أن تطفو في بحر الدجى كالكواكب الزاهية، وتذكي مصابيحها في آفاق سمائك!
إن النفس المستبشرة المؤملة لن تعيّث طويلاً في بيداء الدياجير المهددة العابثة، بل لا بدّ أن تضفي عليها العلياء نوراً جديداً. فما أشدها جهالة أن تحسب أن سعادتك قد تولّتْ، لأنك عدت قانطاً من رجاء واحد؟
ألا دَعْ ذلك الأمل الضائع يغرب
دع الفرح يذبل ويذوي: لا تحزن ولا ترتمِض. أفلم تبقَ أفراح أخرى تشبه البصيلات التي يعتقلها الصقيع حيناً، ثم يأمر ربّك أن تنطلق من إسارها، وتخرج شطأها وتنوّر؟
أو ليس من شأن الشتاء العاصف الصارم أن يرسو على الجذور القوية بكلاكله القاسية، فيتلفها ويواريها في غيابات أرماسه الصامتة، وأجداثه المظلمة الخفية؟
وهل تعّنى الأرض تلك الفترة الوجيزة التي تتجرّد فيها من وشّيها ومطارفها!
ألا دع ذلك الفرح المدبر يذوي ويذبل
دع الحب يقضي أجله ويمضي لسبيله. كن قويّْ الأيمان ولا تيئس، بل سرّ عنك. أفلا توجد محبّات أخرى بعد تحاكيه في جماله، وفيما تزخر به من صنوف العذاب العذّب؟
ألا توجد محبّات أخرى ترفرف في الفضاء كالحمائم البيضاء، ولا تلبث أن تحوم حولك، وتجسم في صدرك وتعشش!