للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[استطلاع صحفي (ريبورتاج)]

الأندية الأدبية في مصر

(لمندوب الرسالة)

- سأكتب عن الأندية الأدبية في مصر. . .

وأين هي يا أخي تلك الأندية الأدبية التي في مصر؟!

ذلك ما قلته لصديقي الشاعر (الخفيف) وكنا في ندوة الرسالة، وهذا ما أجابني به في لهجة قاسية منكراً أن تكون في مصر أندية للأدب. وهذا أيضاً ما سيقوله جل قراء الرسالة - إن لم يكن كلهم - وسينكرون أن تكون في مصر أندية للأدب. وربما يسألون: ما شأن هذه الأندية؟ ومتى وجدت؟ وأين توجد؟ وما بالنا لا نعرف عنها أي شيء؟. . وهذا هو الذي حفزني للكتابة عن هذه الأندية، وحملني على أن أكشف للناس - بل ولكثير ما الأدباء أنفسهم - عن ناحية مستورة في حياتنا الأدبية، ومؤثرٍ له شأنه وخطره في وجهتنا الثقافية

نعم ليس في مصر أندية للأدب بالمعنى الضخم الذي يوحيه إليك هذا التعبير الضخم، فتتخيل العمائر الشاهقة التي شيدتها الحكومة أو شيدتها الجمعيات الأدبية المنظمة وجعلتها في تأسيسها وفي أثاثها بهجة الناظر ومتعة الخاطر، لتكون مجمعاً لأهل الأدب ومسرحاً لأرباب القلم، كما هو الشأن في الأمم الراقية التي تحترم الفن، وتقدر نتاج الفكر، وإنما الأندية الأدبية في مصر إما مقاهٍ عامة تتسع لغمار الناس وجميع الطبقات، وربما تكون ضَئيلة الرواء تافهة الموقع، وإنما ينزع إليها الأدباء لود قديم، أو لمعنى يتصل بحياتهم المادية والروحية، وإما بيوت لها مجد تالد، وتاريخ حديث يتصل بتاريخ غابر، فأصحابها يقربون أهل الأدب ويفسحون لهم في صدور بيوتهم ويسمرون ويتندرون، ويمتدحون بل ويذمون، ويتوثبون من حديث إلى حديث بين أكواب الشاي وأقداح القهوة

وهذه الأندية على بساطتها لها أثر كبير في حياتنا الأدبية، وإن ما يجري فيها لصُورة صحيحة لثقافتنا ووجهتنا في الأدب والشعر والنقد وكل ضروب المعارف التي نحذقها، والتي لا نحذقها. وأنت لا شك تجهل كثيراً من نواحينا الفكرية وسياستنا الأدبية، ومدى الصلة بين ثقافتنا وأخلاقنا. وأنت لا شك تخطئ كل الخطأ إذا كنت تحسب أنك قادر على فهم أدبائنا حق الفهم من كتاباتهم التي يزورونها للناس، من غير أن تنتقل إلى هذه الأندية،

<<  <  ج:
ص:  >  >>