للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[مناقشات في الصيف. . .]

للأستاذ عبد المنعم محمد خلاف

- ١ -

(التصوير هو الأداة المفضلة في أسلوب القرآن، فهو يعبر بالصورة المحسة المتخيلة عن المعنى الذهني والحالة النفسية، وعن الحادث المحسوس، والمشهد المنظور، وعن النموذج الإنساني والطبيعة البشرية. . . فما يكاد يبدأ العرض حتى يحيل المستمعين نظارة. . .)

(فإذا ما ذكرنا أن الأداة التي تصور المعنى الذهني والحالة النفسية و. . . إنما هي ألفاظ جامدة، لا ألوان تصور ولا شخوص تعبر، أدركنا سر الإعجاز في تعبير القرآن)

والأمثلة على هذا الذي نقول هي القرآن كله حيثما تعرض لغرض من الأغراض التي ذكرنا. . .)

فليس هو (أي التصوير الفني) حلية أسلوب ولا فلتة تقع حيثما اتفق، إنما هو مذهب مقرر وخطة موحدة وخصيصة شاملة)

بهذا التعميم يبسط الأستاذ سيد قطب رأيه الذي يربط به إدراك (سر الإعجاز في تعبير القرآن)

وقد قلت في مقالي السابق عن كتابه (إن الحكم بتفضيل القرآن للتصوير كأداة مفضلة في التعبير يقتضي الاعتماد على الإحصاء وظهور نتيجته بكثرة عددية، فهل إذا أحصينا طرق التعبير في القرآن نجد ما قرره المؤلف يحظى بالكثرة العددية؟ إني أترك له أن يستعرض صفحات القرآن، فسيجد أن التصوير الفني أداة واحدة من أدوات التعبير الكثيرة في القرآن، وليست هي الغالبة ولا الكثيرة، فتارة يعبر عن المعنى المراد بالتعبير المتكافئ المعنى واللفظ، الذي يستخدم الألفاظ الوضيعة وحدها، وتارة يستعير لفظة واحدة من غير أسرة الألفاظ التي في الجملة ليحرك بها الخيال ويلمس الحس لمساً رفيعاً، وتارة تكون ألفاظ الحقيقة وملابسات الخيال متساوية، وتارة تكون ملابسات التصوير وإثارة الخيال هي الغالبة، وتارة تكون هي الكل، ومع ذلك يحتفظ القرآن في كل أولئك بأسلوبه المتفرد وسر إعجازه. فليس التصوير الفني وحده (هو سر الإعجاز في تعبيره).

ولكن الأستاذ سيد يقول في الرد علىّ (نعم (أي أن نتيجة الإحصاء تؤكد رأيه) وقد كانت

<<  <  ج:
ص:  >  >>