ثلاثة عناصر، متى توافرت لعمل فني مكنت له، وأبلغته ذروة الإجادة، فأسلست له أهواء النفوس. . .
تلك العناصر التي أعنيها، هي:
قوة الإحساس، وصدق التعبير، وموهبة الأداء. . .
وقد اتسقت ثلاثتها في هذه القصة التي ألفها الأستاذ (علي الحمامي) في اللغة الفرنسية، وسماها:(إدريس)، وصور بها الحياة المغربية وما يضطرم فيها من آلام وآمال. . .
في تلك القصة تنبسط صحف من التاريخ، وننصقل مرآة للحاضر، وتتجلى أحوال سياسية واجتماعية قائمة، وتترسل روح من الوطنية تثير الأفئدة وتهز المشاعر. فالكتاب بفضل ما حواه من ذلك كله - يعد نموذجاً من القصص القومي، جديراً بالتقدير والإعجاب. . .
ومما هو مسلم به عند البصراء من نقادالأدب أن الفن لا يجود ولا يؤتي جناه إلا أن تركت له حرية التحليق والانطلاق، لا نزعة تملي عليه، ولا مبدأ يتحكم فيه. ومن ثم كانت القصص الفني، لأن كتابها مقيدة أقلامهم بما حدد لهم من أغراض، وما عين لهم من أهداف.
ولكن الأديب (الحمامي) في قصته القومية، ينجو من تبعة هذا النقد، على تلك الملاحظة، وذلك لأنه لم يخضع قلمه لمنحي مسوق إليه، ولم يرد فنه على غرض دخيل عليه. وإنما أحس في قوة، وعبر في صدق، وأدى قادراً على الأداء.
لقد عايش المؤلف أمته، وشهد ما تعانيه من كوارث، وما يعوق خطاها من أغلال، وشعر بما يعتلج بين حناياها من منازع الحرية والعزة، وكان لذلك أثر في نفسه لم يلبث أن دفعه إلى التعبير، فجرى قلمه طلقاً يصور حياة قومه، ويكشف عن آلامها وخوالج نفسها في