الأضواء الساطعة التي تنبعث من نهاية الزقاق، والجموع الحاشدة التي تتوافد إلى هناك، يؤكدان أن حادثاً هاماً شغل أهل الزقاق هذا المساء!
أما الأغاريد التي تنبعث بين آن وآخر، والأغنيات التي تسمع بين حين وحين، والأعلام الصغيرة الخضراء التي يهزها نسيم المساء الهادئ فتبدو كأنها أيد تدعو الناس إلى الحضور هناك. . .
كل أولئك كان يشير إلى أن الحادث الهام عرس من تلك الأعراس السعيدة التي تشغل أهل القرية كلما أنتفخ جيب شيخ بالمال، وأشرق وجه فتاة بالجمال!. . .
فإذا استخفتك هذه الأغاريد الحلوة، وراعتك هاته الأغنيات الشجية، وسرت في زحمة الناس إلى هناك فسترى في نهاية الزقاق فنوناً من الزينة وضروباً من البهجة تحيط بالعروسين في مكانهما المرتفع الغارق في الأزهار والأنوار. . .
وأقسم أنك لن تنظر إلى الأزهار وقد نسقت في نظام بديع، ولا إلى الأنوار وقد تألقت في وضع جذاب، ولا إلى العذارى من بنات القرية وقد أحطن بالعروس الشابة مثلما تحيط الملائكة بروح طاهرة تدخل الجنة!. . . لا، لن تنظر إلى شيء من ذلك وإنما ستحدق مذهولا في عيني العروس الفاتنة وستجد في نظراتها الساحرة الآسرة غناء عن كل أولئك.
وستظل تحدق في وجهها لا تمل التحديق، وعلى حين فجأة ستجد هاتين العينين تنطبقان في هدوء عجيب، وستجد العروس الفاتنة لا تحس بشيء مما حولها، حتى ولا بعريسها الشاب الجالس إلى جوارها وهو يدخن لفائفه المهداة إليه دون كلل أو فتور.
ستشعر أنت بالضيق حين يحجب عنك هذا الفيض الزاخر من السمر، وستحس برغبة ملحة في رؤية تلك الأحلام التي تمر مستخفية وراء تلك الأهداب الطوال. . .
ومن هنا سأقص عليك قصة تلك الأحلام. . . الواقع أنك كنت مشغولا بعينيها فلم تر ذلك