للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أفانين]

بين الخوارزمي والهمذاني

للأستاذ علي الجندي

(تتمة)

كان دخول الرئيس أبي جعفر وصاحبيه الحربي والحيري، بمثابة هدنة نَّفست عن المتناظرين، وأتاحت لهما قسطاً من الجمام، فهدأت الشقاشق، وسكنت الزماجر، وأحسبهما أنسا بدخول الرئيس، وارتاحا إلى هذه الهدنة وودَّا أن يمتد أجلها! ولكن الرئيس لم يحضر لفض النزاع وحسم الخلاف، بل أتى كغيره تصاول العقول وتخاطر الفحول في ميدان المعقول والمنقول!

فما إن فرغ من السلام، وأخذ مجلسه بين الصدور المقدمين حتى تولى توجيه المناظرة، فاقترح أن ينشدا روّية على وزن اختاره

فتلمّظ البديع بلسانه، وسرعان ما أنشد اثني عشر بيتاً

منها:

برز الربيع لنا برونق مائه ... فانظر لروعة أرضه وسمائه

والترب بين مُمسَّك ومُعنبر ... من نَوْره، بل مائه ورُوائه

والماء بين مُصَندل ومُكفَّر ... في حسن كُدرته ولون صفائه

والطير مثل المحْصنات صوادح ... مثل المغّني شادياً بغنائه

زمن الربيع جلبت أزكى متَجر ... وجلوت للرائين خير جلائه

فكأنه هذا الرئيس إذا بدا ... في خلقه وصفائه وعطائه

ما البحر في تزخاره، والغيث في ... أمطاره، والجوّ في أنوائه

بأجلَّ منه مواهبا ورغائبا ... لا زال هذا المجد حِلْف فنائه

ثم أنشد الخوارزمي على هذا المثال تسعة أبيات لم نعثر عليها في مظانها

وقد وصفها البديع: بأنها جمعت بين إقواء وأكفاء وأخطاء وإبطاء! وأنه أخذ عليها عشرين مأخذاً! وذكر أنه اتجه إلى عميدي المجلس الوزير والرئيس، فقال - مشيراً إلى

<<  <  ج:
ص:  >  >>