محيي الدين بن العربي من كبار متصوفة الإسلام وأقطاب فلاسفته الذين تركوا ذخيرة فكرية غير ضئيلة، ولم يتعرض لدرسها غير نفر قليل من أعلام المستشرقين، فقد تناولوا بعض نواحيها بما هي جديرة به من البحث والتنقيب. وتقوم اليوم جامعة كمبردج بطبع رسالة لأستاذ مصري هو الدكتور أبو العلا عفيفي قدمها منذ بضع سنوات لنيل إجازة الدكتوراه منها وهي
وقد تناول المؤلف في هذا البحث القيم عدة نواحي جديدة في فلسفة ابن العربي، ودرسها دراسة عميقة، محللاً ومفسراً وناقداً فقسمها إلى أربعة أقسام.
تناول في القسم الأول (النظرية الوجودية) عند هذا الفيلسوف المسلم، وهي تتعلق بنظرته للوجود الإلهي وبوجود العالم؛ ثم خصص القسم الثاني منها لنظريته (المعرفة) وبحث فيه عن أنواع المعارف الإنسانية عامة والمعرفة الصوفية خاصة وكيف يتوصل إليها، والذين درسوا التصوف الإسلامي لا بد قد أدركوا (غموض المعرفة) وما يحتاج إليه دارسها من صبر طويل في تقصيها من نواحيها المختلفة.
وتناول الدكتور أبو العلا عفيفي في القسم الثالث منها (علم النفس كما يفهمه ابن عربي) وهو باب جديد في دراسة ابن العربي استطاع المؤلف فيه أن ينفذ إلى آفاق جديدة وأن يخرج منها بآراء مستجدة في هذه الناحية المجهولة.
وتناول في القسم الرابع والأخير منها آراءه في الأخلاق والجمال وفي مصير الإنسان وفي معنى الجزاء بصورتيه (الثواب والعقاب) وفي الدار الآخرة. ولا مشاحة في أن قيام جامعة كمبردج بطبع هذا السفر للمؤلف المصري دليل على أهمية الكتاب من حيث التحليل والبحث لشخصية تعد في طليعة الشخصيات التي تركت أثراً عظيماً في الفلسفة الإسلامية وفي التفكير الإسلامي ونحت به منحى خاصاً فيه كثير من العمق.