[عند الثلاثين]
للأستاذ محمود الخفيف
تَمهَّليِ والْتًفتيِ لَفْتةً ... لا تَذهَليِ عَنْ دَهْرِكِ الرَّاحلِ
لا تَعبْسيِ مَا إن تُرى لَذَّةٌ ... أشْهىِ مِنَ الآمالِ للآمِلِ
عِنْدَ الثلاَّثِينَ قِفيِ ساَعَةً ... وَجَاوِزي الْيَمَّ إِلَى السّاحِلِ
هَذَا هُوَ الماضِي فَماذَا تَرىَ ... عَيناَيَ مِنْ طَيفْ لَهُ مَاثلِ؟
مَطارحُ الأيّام مَبسْوُطةٌ ... كَمْ بَيْنهاَ من أَثَر حَافِلِ!
كَمْ اجْتَلىِ يا نَفْسُ مِنْ صورةٍ ... عَرَفْتُها فيِ عَيْشيَ الزائلِ
كَمْ بَهْجةٍ قَدْ بِتُ يا وَيْلتاَ ... في شُغُلٍ عَنْ ذِكْرهاَ شاغل!
أرَى وَكَمْ يُبْهجُنيِ أَنْ أَرَى ... مَسارحي في قَرْيتيِ الضاحِيةَ
هُناَكَ حَيْثُ الأمن مَمْدُودةُ ... ظَلالُهُ والِبشْرُ وَالعَافَيه
هُناكَ حَيْثُ الحسنُ رَفّافَهٌ ... طُيُوفُهُ للأعْيُنِ اللاّهِيهَ
وَحَيْثُ تَحْلو الأرضُ مَنْضُورَةً ... وَيعْلقُ السِّحْرُ بهاَ خَالِيهْ
وَتُعجبُ الأدْوَاجُ فَيْناَنةً ... وَمَا خَلَتْ مِنْ رَوْعةٍ عَارِيةْ
هُنَاكَ حَيثُ الصَّمتُ أُنشُودَةٌ ... لا تَفتَأُ النَّفسُ بِهاَ شَادِيَه
فيِ جَنَّةٍ عِشتُ زَمَاناً بِهاَ ... يا لَيتَ ليِ أيّامَهاَ ثَانِيَهْ
هَذِى هِيَ السَّرحَةُ في ظِلِّهَا ... أبْنُ ثمَانٍ في الضُّحَى يَلعَبُ
في ثغرِهِ مِنْ بَسَماتِ الرِّضَى ... مِثلُ ابِتسَامِ الزَّهرِ أو أعذَبُ
وَعَينهُ مِنْ لَمَحَاتِ المُنَى ... كَمَا انجَلَى في أفِقِه الكوكب
مِثلُ فَرَاشِ الرَّوْضِ في لَهِوِه ... وَدأبِهِ لَكِنَّهُ أوثَبُ!
دنياه هذى النَّخلُ. فيِ جَانِبٍ ... مِنهَا يُرَى للأعيُنِ المكتُبُ
كمْ رَتلَ الآيَاتِ فيِ مَقعَدٍ ... فِيِه وَكَم بَاهَى بِماَ يَكتُبُ
أجرَتْ له الفُصحَى بِهِ كَوثَراً ... مَعِينُهُ فيِ القَلبُ لا يَنضُبُ
يا ناشِئاً أوْحَتْ لَهُ سِحرَهُ ... شَمسٌ من الفُرقَانِ لا تَغرُبُ
يا لاعِباً لم يَدِر غَيرَ المُنَى ... كَمْ يَطرَبُ القَلبُ لمرأَى صِبَاه