من القرارات التي لها شأن لا يدانيه شأن في قرارات التربية الحديثة أمر الحكومة الروسية الأخير بالفصل بين الجنسين في دور التعليم بعد أن مزجت هذا التعليم كل المزج سنوات متواليات على أساس المبدأ الشيوعي المعروف الذي فحواه أن الرجل والمرأة متساويان كل المساواة في الملكات العقلية والنفسية
وقد عللت نشرة الأخبار الحكومية التي أذيعت بواشنطون هذه التفرقة فقالت ما خلاصته إن التجارب الطويلة في تعليم الصبيان والبنات قد دلت على فارق واضح بينهم في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة وما حولهما. فكانت النتائج تختلف اختلافاً بيناً مع وحدة السن والمجهود، ويظهر هذا الاختلاف في طاقة العمل عند الصبي البنت ومع تعدد التجارب والبيئات
والمعلوم أن عدد الصبيان والبنات الذي يقع تحت الملاحظة الحكومية في المدارس الروسية أكبر عدد يتيسر لأصحاب مذاهب التربية في قطر من الأقطار، فإن رعايا الحكومة الروسية يتجاوزون مائة وخمسين مليوناً يذهب أبناؤهم وبناتهم جميعاً إلى المدارس الابتدائية من سنواتهم الباكرة، وينشأ هؤلاء الأبناء والبنات في بيئات الشمال والجنوب، وفي مدن الصناعة وقرى الزراعة وبين الشعوب الأوربية والأسيوية على السواء. فإذا تعذر الانتفاع بخلط التعليم بين الجنسين في هذه البيئات جميعاً فهي تجربة لا تعدلها في الوفاء والتمحيص تجربة أخرى يملكها أصحاب مذاهب التربية في عصرنا الحديث
ويضاف إلى هذا أن المشرفين على التعليم بالبلاد الروسية لهم مصلحة وهوى في إثبات المساواة الكاملة بين الجنسين في جميع الملكات والأعمال، لأنهم يبنون على هذه المساواة نظماً كثيرة تتناول الأسرة وتوزيع العمل وحقوق السياسة، بل تتناول أساس المذهب الشيوعي كله في مواقع الخلاف بينه وبين سائر المذاهب الاجتماعية، فهم لا يفرقون الجنسين في مرحلة من مراحل التعليم إلا إذا بطلت عندهم كل محاولة للتوحيد والتوفيق وإثبات التشابه الذي ينفى كل فارق من الفوارق بين الصبيان والبنات أو بين الرجال