الواقفون بالمرصاد - ما بيني وبين نفسي - طلعت حرب باشا
في ميادين الأدب والاقتصاد
الواقفون بالمرصاد
قرأت في (الرسالة) كلمة كريمة للأستاذ محمود غنيم دعا فيها كاتب هذه الأحاديث إلى الحذر من عواقب العنف والجُموح، لئلا يقع القلم في سقطة تشمت به الأعداء الواقفين بالمرصاد، وهو يرجو أن نخصص يوماً من أيام (الرسالة) نحدث فيه القراء بهدوء على نحو ما يكون النيل في غير أيام الطغيان؛ ثم استطرد فقسم قراءنا إلى فريقين: فريق عدو، وفريق صديق؛ ونص على أن الصديق لا يملك أن يقول فينا كلمة الثناء لئلا نتهمه بالتزلف، وأن العدو لا يستطيع مجاهرتنا العداوة لئلا نمسه بسنان القلم مسَّاً غير رفيق
والصورة التي قدمها الأستاذ محمود غنيم صورة صحيحة، ولا تحتمل المناقشة إلا من جانب واحد: هو القول بأننا قد نصم من يثنون علينا بوصمة التزلف، فما يسمح لنا أدب النفس بأن نتلقى كلمات الإعجاب بغير الحمد والثناء، وإنما ينهانا العقل عن استزادة المعجبين فراراً من أخطار الزهو والخُيلاء
وقد ترفق الأستاذ الزيات مرات كثيرة فدعاني إلى النظر فيما يرد إليه من كلمات الاستحسان لأقدم منها للنشر ما أريد، ثم نهاني الذوق عن الاستجابة لهذا الاقتراح النبيل، واكتفيت بالمرور عليه من وقت لأطلع على عواطف الأصدقاء من القراء، وهم بحد الله أكثر عدداً من أعدائي، وفيهم أفراد على جانب كبير شرف النفس وعظمة الروح
وإنما نصصت على هذا الفريق من القراء ليعرف بعض من أسكت عن كلماتهم الطيبات أنهم يخاطبون رجلاً وفياً، وأني أحفظ لهم في أعماق القلب أطيب الذكريات، وأن (الرسالة) لم تطو كلماتهم عن استهانة أو بخل، وإنما هو الواجب، الواجب الحازم الذي ينهانا عن الإصاخة لكلمات العطف والتشجيع
ثم ماذا؟ ثم ألتفت إلى الأعداء الواقفين بالمرصاد فأقول: