فقلت له وأنا أحبسه على كرسيه: هنا يا صديقي مخبأ هيأته لنا وقاية الله؛ فإذا تركناه وأدركتنا غارة أخرى فأين نختبئ؟
ليس في القاهرة ولا في غير القاهرة مخبأ حصين يعرفه الجالس في بيته أو السائر في طريقه. ولا أدري أي ضرب من ضروب الغفلة أطبق على مصلحة الوقاية المدنية فلم تقيم بإنشاء المخابئ الصالحة على وضعها الصحيح! هل أخذوا على الدهر عهداً بالأمان، أم حسبوا أن بضعة أخاديد في أمكنة متباعدة مجهولة تعصم سكان القاهرة وهم في المنازل أو في الطرق من شظايا القنابل؟
ليس من صالح الرأي يا صديقي أن تجهز قصور السراة ودور الحكومة بالمخابئ المسلحة المريحة؛ ثم يقال للشعب المسكين تبرع بالقروش لنشق لك لحوداً في ظاهرها الحمام المنقض، وفي باطنها الزحام المهلك! فقال لي الشاعر وهو يتمكن في مجلسه: إن سياسة الملاح التائه لا تزال هي سياسة الحكومة في كل أمر. فاسأل الله وحده أن يجعل لهذه الأمة مرفأ في كل عاصفة وملجأ من كل غارة!