ليس كموروا من يتحدث عن الكتاب والشعراء. وليس كمثله في سلاسة أسلوبه وتدفق ألفاظه وحلاوة معانيه. إنه كالساقية اللاهية تسقى وتروى ثم تمضي، وقد خلفت وراءها الخصب والحياة. أو كالزهر الفواح يروقك مرآه، ويسكرك شذاه، سذاجة وصفاء، ولكنها سذاجة ملؤها المتوع والجمال
لقد تحدث عن (شلي) أبرع الحديث، وقص مغامرات (بيرون) أحسن القصص، وعرض حياة (دزرائيلي) أجمل معرض، وسرد أعمال (ليوتي) كأعظم ما كتب كاتب، وصور (شاتبريان) بما لم يصوره قبله إنسان. وهاهو ذا الآن يتحدث عن (حمس صور من الحب) ويتكلم على ستاندال.
وستاندال إذا تحدث عن الحب فأعجب به من متحدث، وأكرم به من خبير! لقد بلا الحب وطعم ذواقه، ثم وصفه وعرفه وتساءل كيف ينبغي أن يكون الرجل مع النساء؟ أيكون معهن كما كان (دون جوان). أم مثل (فرتر) الهيمان؟ أيكون صياداً محارباً أم عاشقاً مدنفاً؟ لقد كان ستاندال يعجب بدون جوان، لأنه رمز الشجاعة والإقدام؛ وفي الوقت نفسه رمز الهدوء والهزؤ بالناس
والحق أن الناس جميعاً، كما يقول موروا، يعجبون بمن كان كدون جوان؛ ولكنهم يعرضون به ويثلبونه، في حين أن العشاق المتيمين أشباه فرتر المسكين، يشفهم السقم ويضنيهم العذاب، ويشعرون أنهم سعداء. سعادتهم في الخيال، يبنون القصور الشامخات ويزر كشونها بأحلى التهاويل. فهي أبداً رفافة بالنعيم، يعيشون ويحلمون، لأن الحب على نهج فرتر يعد لقبول كل فن رفيع وإحساس كل شعور لطيف
أن دون جوان يرى النساء عدوات لدوات. والحب في عينيه حرب ونضال. هو لا يتحدث عن شئ سوى المغامرات والانتصارات؛ أما أتباع فرتر فأولئك هم الهانئون وبأحلامهم قانعون وبحسراتهم وزفراتهم راضون
ودون جوان إلى ذلك يختصر الحب. إنه أمر هين ينتهي دائماً بالفوز. ولذلك يفكر كالقائد العظيم في الحيل التي يبلغ بها مشتهاه. يعمل دائماً على نجاح أعماله ونفاذ حيله