للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من أدب التاريخ]

قصة غرام فاطمية

موضوع مسرحية بديعة

للأستاذ محمد عبد الله عنان

تقدم إلينا صحف القصور الإسلامية طائفة من القصص الغرامية الشائقة التي امتزجت بسير الخلفاء أو السلاطين؛ بيد أن هذه القصص المشرقية بالرغم من ألوانها المشجية المؤسية أحياناً لا تحمل دائماً ذلك الطابع الروائي العنيف الذي يبدو في قصص الحب في القصور الغربية؛ ويرجع ذلك أولاً إلى روح العصور، وثانياً إلى تباين الخلال والنظم الاجتماعية؛ ففي القصور الإسلامية كان يغلب دائماً ذلك التحفظ الذي يسبغ ستار الصمت والكتمان على حوادث وسير لا تحمد إذاعتها وتتقى آثارها بين الكافة؛ وكان نظام التسري الذي يعمر قصور الخلفاء والسلاطين بأسراب الجواري الحسان من مختلف الأمم والأجناس يحول دون اضطرام هذه العواطف والنزعات العنيفة التي كثيراً ما تضطرم في قصور الغرب، وتحمل في طريقها عروشاً أو تؤثر في مصاير أمم ومجتمعات؛ ومن النادر أن نرى في التاريخ الإسلامي جارية أو خليلة، حظية خليفة أو سلطان، تسيطر على أقدار الدولة ومصايرها بمثل ما كانت تسيطر غانية مثل بومبادور أو دوباري على أقدار فرنسا في عهد لويس الخامس عشر، أو نرى ملكاً وإمبراطوراً عظيماً كإدوارد الثامن يهجر أعظم عروش الأرض وأجلها قدراً في سبيل حب ليس فيه من الروعة والجمال ما يتناسب مع روعة التضحية التي أقدم عليها

بيد أننا نظفر في صحف القصور الإسلامية مع ذلك ببعض السير الغرامية العجيبة التي تطبعها ألوان روائية تذكي الخيال إلى الذروة. ولولا أن الرواية الإسلامية تحجم في كثير من الأحيان عن الإفاضة في تلك السير الشائقة، وتكتفي بإيراد الروايات الموجزة عنها لكان منها تراث روائي ساحر لا يقل في روعته وجماله وتباينه عما تقدمه إلينا قصص الحب الغربية الشائقة

مثال ذلك قصة الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله وحبيبته البدوية فهي في الواقع نموذج

<<  <  ج:
ص:  >  >>