للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[الحياة الأدبية في طرابلس الغرب]

بين الماضي والحاضر

للأستاذ صلاح الدين بن موسى

لعل الحديث عن الأدب في هذا القطر البائس أمر فيه شئ كثير من الغرابة عند أبناء العروبة الذين ارتسمت في مخيلتهم وأفكارهم صور مبهمة غامضة عن طرابلس الغرب - أو (لوبيا) كما يحاول أن يسميها بعض المتأخرين - فهم لا يعرفون عن هذه البلاد إلا قوما خربت ديارهم وخربت مدنهم، وأصابهم من ويلات الحرب ما تركهم في غفلة أو حيرة، وهم بسببها بعيدون كل ماله صلة بالحياة الروحية شعرية كانت أم نثرية وإن أسباب المعيشة وذلك الفقر المدقع في الغذاء والكساء كانا حائلا دون انصراف القوم لتثقيف عقولهم وتحقيق النهضة الأدبية بينهم، وتلك هي الصورة الخاطئة التي ترتسم هذه الأيام في أذهان بني يعرب ويصرحون بها في مجتمعاتهم الأدبية وأنديتهم الثقافية. لهذا وقد وقفت على الحقيقة الناصعة ولمست روح النهضة الأدبية في بلاد (ليبيا) أحببت أن أجعل من حديثي هذا على صفحات (الرسالة) معرضا للفكر الحديث والنهج الأدبي في طرابلس عساي بذلك أكون قد حققت قسطا من واجبي نحو قطعة غالية من بلاد العروبة. . .

قبل الحديث عن نهضة طرابلس الغرب الحديثة سأحاول أن أعطي للقارئ صورة صادقة لتدرج الحياة الأدبية منذ العهد العثماني حتى وقتنا هذا فيرى تطور الروح الأدبي ونمو الذوق الشعري خلال هذه الحقب المتتالية ومبلغ التقدم الذي حازته هذه البلاد في زهاء ربع قرن تقريبا. . .

كانت النهضة الأدبية زاهرة يانعة، قبل احتلال الطليان طرابلس الغرب وكان فيها كثير من الأدباء المجيدين والشعراء الملهمين نذكر منهم: الشيخ علي سيالة صاحب المعلقات الشهيرة، الشيخ محمود نديم بن موسى، والشيخ إبراهيم باكير، والأستاذ العلامة سعيد المسعودي وآخرين ممن ساعدوا على نشر اللغة العربية وبعث مبادئ الحرية والحياة الصحيحة المستقلة.

وكانت جريدة (الرقيب العتيد) خير رسول أمين للنهضة الأدبية تنقل منتجات عقول الآباء ووحي شعورهم أو تفكيرهم، وكان لصاحبها الشيخ محمود نديم بن موسى اليد الطولي في

<<  <  ج:
ص:  >  >>