ليس الفقر عيباً، وإنما السكوت عن مقاومة الفقر هو العيب، فنحن
جميعاً مسؤولون عن محاربة ما يحيط بنا من متاعب معنوية وحسية،
ومن واجبنا جميعاً أن نطمع في الانتفاع بما في الوجود من ثمرات.
على شرط أن ننال ما ننال عن طريق الجهاد المحمود
وقد سأل الأديب (ح. ع. مطر) عن فقر الأنبياء وما يدل عليه من معانٍ على فرض ان الفقر يدل على ضعف الأخلاق الاجتماعية والمعاشية.
وأجيب بأن الأنبياء رحبوا بالفقر طائعين، لتقل شواغلهم الدنيوية فيستطيعوا القيام عروض الهداية والتهذيب، وليكون في انصرافهم عما في الدنيا من منافع قطعٌ لألسنة من يروق لهم اتهام الأنبياء بحب المال، وهو اتهام يزعزع ثقة الجماهير ويروضها على التمرد والعصيان
والمعروف أن الناس في كل أرض يتزيدون على الزعماء والمصلحين ويجعلون طلب الدنيا من أكبر العيوب، فليس غريباً أن ينسلخ الأنبياء من المنافع الدنيوية ليصدوا من يعارضون باسم الغيرة على الأخلاق؛ كأن الأخلاق تكره أن يتزود المصلحون بثروة الرزق الحلال!
وفي طلب السلامة من أذى السفهاء قال الرسول:(نحن معاشر الأنبياء لا نورث. ما تركناه صدقة) أو كما قال، فلست أملك الرجوع في هذه اللحظة إلى نص الحديث
والعدل يوجب أن يكون ما يترك الأنبياء ميراثاً حلالاً لأبنائهم، ولكن الحرص على قطع ألسنة المتزيدين هو الذي أوجب أن يحرم الأنبياء أبناءهم من ذلك الميراث، وذلك ظلم جميل
ومن نحن حتى نرحب بالفقر كما رحب به الأنبياء؟
أولئك رجال يأخذون زادهم من الإيمان واليقين قبل أن يأخذوه من الطعام والشراب، فمن أنس في نفسه القدرة على الظمأ والجوع لينقطع إلى مجاهدة النفس ومجاهدة الآثام