اشتهرت السينما في بادئ الأمر بوصف أنها وسيلة للتسلية حظ الجماهير منها أكبر من حظ الخاصة والمثقفين. فكانت أكثر الأفلام رواجاً وازدياداً تلك التي تدور حول حياة رعاة الأبقار والأفلام البهلوانية والأفلام المسلسلة ذوات الموضوعات الغثة التافهة. فلما ارتقت الصناعة ارتقت معها الأفكار ولكن هذا التطور كان يسير تدرجاً وغايته الأولى وهي توفير (المتعة) مع الارتقاء إلى أفق أوسع.
وقد بدأ أولاً حظ الملوك ذوي العروش والتيجان والقصور، ففي هذا الوسط متعة وبهرج وجاه يلذ الأعين ويخطف الأبصار. ومن الملوك الذين أخرجت حياتهم وأعمالهم على الشاشة قيصر روسيا، وهنري الثامن، وكاترين الروسية، وكليوباترا، وفكتوريا رجينا، وماري الاسكتلندية، وكرستينا السويدية. ومن هؤلاء من أخرج عدة مرات في أفلام مختلفة في عهدي السينما الصامتة والناطقة
وبجانب أفلام أصحاب التيجان تلتقي أفلام الساسة والقادة فهؤلاء يثيرون الحروب ويتحكمون في مصائر الشعوب ويغيرون معالم الأمم، ولكل واحد منهم ناحية خاصة تثير في المرء الشعور وتدفعه إلى الاستطلاع، ومن القادة الذين أخرجت حياتهم على الشاشة نابليون، ونلسن، وغاريبالدي، ولافابيت، وبانشوفيلا المكسيكي. ومن الساسة دزرائيلي، وريشيليو، وبارنل الايرلندي ومترنيخ النمسوي، وبسمارك، وأندرو جاكسون الأمريكي، ولنكولن
وقطعت السينما خطوة أخرى فشملت حياة الفنانين وسيرهم وهذه لا تخلو كذلك من المآسي والغراميات والمؤثرات التي يطرب لها الجمهور. ومن هؤلاء الفنانين الذين شاهدنا عنهم أفلاماً: موزار، وشوبيرت، ورجراند المصور، وفاجنر، وستراوس، ودافيد جارك الممثل. وهناك مشروعات أخرى لا خراج حياة بتهوفن، وليزت، ونيجفسكي، وساره برنار
وكان العلماء والأدباء حتى هذه المرحلة أقل هؤلاء الناس حظاً من حيث الاهتمام بأشخاصهم في عالم السينما وإن كانت أعمالهم هي المادة التي تفخر وتحيا بها السينما؛ ويرجع عزوف رجال السينما عن إخراج سير العلماء والأدباء إلى أن حياتهم في الغالب