للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التاريخ في سير أبطاله]

أحمد عرابي

أما آن للتاريخ أن ينصف هذا المصري الفلاح وأن يحدد له

مكانه بين قواد حركتنا القومية؟

للأستاذ محمود خفيف

وخيل لشريف باشا أن الأزمة في طريقها إلى الحل، ولو أنه اطلع على الغيب لعلم أنها كانت تتضاعف ويشتد خطرها لتتخذ في النهاية وضعها الذي سوف يغير تاريخ هذه البلاد!

لمح الصائدون في هذه العاصفة الفرصة المرتقبة! وهيهات أن يضيع هؤلاء فرصة طال بهم انتظارها؛ الخلاف قائم بين الوزارة والمجلس فليعملوا على زيادة هذا الخلاف وليدفعوا بالخديو ليخطو أول خطوة بعد يوم عابدين ضد الحركة الوطنية فيخسر بذلك الوطنيين والعسكريين جميعاً، ويفقدوا هم الثقة فيه نهائياً، بينما هو يقرب بذلك من الأجانب أو على الأصح يزداد قرباً منهم

ولن يعدم الإنجليز وحلفاؤهم أن يخلقوا ألف مبرر لما يفعلون؛ ومن أيسر الأمور عليهم أن يعلنوا أن البلاد تشيع فيها الفوضى، وأن الأجانب ومصالحهم تكتنفهم الأخطار من كل صوب، وأن الخديو بات يخشى على عرشه ولا مخرج له مما هو فيه، بل ولا مخرج لمصر مما هي فيه من خلل وارتباك إلا أن يضرب على أيدي الثائرين المفسدين في الأرض

ومن غريب أمر هؤلاء الإنجليز أنهم بينهم وبين أنفسهم غيرهم بينهم وبين الشعوب الشرقية؛ فهم لا يقبلون من هذه الشعوب ما يعدونه عندهم من مفاخر الإنسانية، وأنهم ليرمون أهل هذه الشعوب بأشنع التهم وأقساها؛ فالتألم من المظالم التي تنصب على رؤوسهم تمرد، والسعي إلى الحرية فوضى وهمجية، والدفاع عن البلاد وذب الدخيل عنها وحشية وإجرام! على أن هذه هي سنة الحياة بين القوى والضعيف منذ كان الإنسان يتخذ سلاحه من الحجر وينحت مأواه في الجبل. . .

ولقد كانت الدولتان تعملان على الكيد للحركة الوطنية في مصر قبل انعقاد المجلس، وكانت

<<  <  ج:
ص:  >  >>