صدرت أخيراً في إنكلترا موسوعة نفيسة للعلوم العربية وأحوالها في بغداد في أوائل القرن التاسع الميلادي (أوائل القرن الثالث الهجري) وعنوانها: (موسوعة للعلوم الفلسفية والطبيعية كما كانت تدرس في بغداد حوالي سنة ٨١٧م) أو (كتاب كنوز أيوب الرهاوي)، وقد نشرت هذه الموسوعة بالسريانية وهو نصها الأصلي مقرونة بترجمة إنكليزية وملاحظات نقدية بقلم العلامة الشهير الدكتور منجانا صاحب مكتبة (رينولدز) الشهيرة لتي تحتوي طائفة كبيرة من أنفس المخطوطات الئرقية؛ وقد سبق أن نشر الدكتور منجانا بعض هذه النصوص والتراجم نقلا عن المخطوطات السريانية والجرشونية التي تحتويها مكتبته. وهو يقول لنا في مقدمته إن هذا الجزء هو المجلد الأول في سلسلة جديدة علمية يراد إصدارها
وأهمية النصوص السريانية في تفهم أحوال العلوم الإسلامية الأولى تبدو جلية متى ذكرنا أن العرب حينما بدأوا ترجمة العلوم اليونانية، استعانوا في نقلها بالسريانية، فكانت تنقل أولاً إلى السريانية ثم تنقل بعد ذلك إلى العربية، وكان أعظم أولئك المترجمين كما هو معروف حنين بن إسحاق، أما أيوب الرهاوي هذا صاحب (الكنوز) التي أصدرها الدكتور منجانا، فهو من أشهر المترجمين الذين نقلوا المؤلفات اليونانية العلمية إلى السريانية، وقد ذكره ابن النديم في كتابه (الفهرست)، وعرفه العرب بالأخص من تراجمه للكتب اليونانية الطبية؛ وقد انتفع حنين بن إسحاق بترجمة الرهاوي لمؤلفات جالينوس، وترجم الرهاوي أيضاً بعض مؤلفات أرسطو، وألف رسالة دينية عنوانها (كتاب الإيمان). وقد ولد هذا لعلامة في مدينة إذيسا أو (الرها) حوالي سنة ٧٦٠م وتوفي حوالي سنة ٨٤٠
ولا شك أن المجلد الأول الذي أصدره الدكتور منجانا من النصوص السريانية التي اتخذت واسطة لنقل العلوم اليونانية إلى العربية سيكون له شأن يذكر في درس الحركة العلمية الإسلامية في بغداد في أواخر القرن الثامن وأوائل القرن التاسع أعني في أزهر عصور الدولة العباسية