ألا يغيظنا أن عرب فلسطين يفرون أمام فظائع اليهود الخبثاء، ويتشردون في البلاد العربية هنا وهناك، وأولئك الدخلاء الصهيونيون الأراذل يتمكنون في البلاد وينهبون بيوت العرب، ويفطرون ويتغدون ويتعشون من طعام العرب، ويلبسون ثياب العرب، ويملكون أثاثهم وأمتعتهم - يفعلون هكذا كما فعل أسلافهم من قبلهم منذ ٣٢ قرناً حين ساقهم موسى من مصر إلى أرض كنعان حيث طردوا الكنعانيين من بلادهم وتناهبوا أرزاقهم؟! هل يعيد التاريخ نفسه؟
ألا يحزننا أن هؤلاء الجبناء الخبثاء ينكّلون بنساء العرب وأطفالهم وعجزتهم كما ينكل الذئاب والنمرة بفرائسها من الحملان والكباش والفراخ، ونحن نقرأ أخبار هذه الفظائع وأكبادنا تتقطع، وقلوبنا تتمزق!
ألا تخجل أن نرى إخواننا، وهم أهل البلاد، يفرون أمام الدخلاء فرار النعاج من الضواري ونحن نتفرج ونسمع ونقرأ ونتألم، ولا ننتقم من هؤلاء الأشرار شر انتقام؟ لماذا؟ لأننا نريد أن نتحامى غضب البريطانيين قبل أن ينتهي انتدابهم. وهؤلاء الذئاب يستغلون صبرنا، وطيبة قلوبنا، وتمسكنا بالإنسانية وشرف الخلق.
يا قوم. . . لا ينفع مع هؤلاء الأشرار الطغاة العتاة قول يسوع الناصري يوم علقوه على خشبة الصليب:(يا رب اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون). فهم يهزأون حين (نحول لهم الخد الأيسر) ويستبلهوننا. . . لا ينفعنا مع هؤلاء الأشرار إلا قول القرآن الكريم:(فمن اعتدي عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدي عليكم)
كان على الجنود العرب أن يقتصوا منهم على الأثر؛ رضي الانكليز أو غضبوا. كفانا يا قوم استخذاء كما استخذي الانكليز لليهود اللئام. حسبنا مراعاة لخاطر الانكليز وهم يحمون اليهود دوننا ولم يقوموا بواجب المحافظة على الأمن كما يدعونها سبباً لبقاء انتدابهم. ولو شاؤوا الأمن لاستطاعوا أن يحقنوا كل دم في فلسطين، وعندهم ٩٠ ألف مقاتل، ولكنهم كانوا يبتهجون أن يروا هذه المجازر ويشاهدوا تلك الفظائع الوحشية، فحتى متى نداريهم ونراعي خاطرهم؟