في العدد السابق من الرسالة ختمت التعليق على محاضرة حافظ عفيفي باشا بهذه الجملة:(أما سئمتم الخدر والنعاس؟). وكان غرضي التعريض بقناعة من بأيديهم أمر الثقافة في هذا البلد بـ (الموظفين المخضرمين) مع إهمالهم الشباب القادرين المستنيرين.
وأما (وضع الشيء موضعه) فيدخل تحته كلامي على دار الآثار العربية وعلى استبعاد أهل الكفاية عندنا.
وعلى هذا المحورين سيدور بعض ما أنا كاتب في هذا الباب من الرسالة؛ وذلك بعد استئذان صاحبها وهو ممن يقصد وجه الإصلاح. ولن أطلب فيما أكتب غير الحق فلا أوثر هوىً ولا أخشى غضباً.
٢ - فتور الحركة الأدبية في مصر
من غريب الاتفاق أن يصرح الأستاذ توفيق الحكيم في العدد السبق بنُعاس الأدباء إذ يقول:(كل شيء (يعني الكتب والتأليف) يمر في فتور. . . العلة البسيطة، ما من أحد في هذا البلد يبدو عليه التحمس الملتهب لشؤون الفكر والأدب. إن علة الفتور هي الأدباء أنفسهم. . . إنهم يكتبون في الأدب وكأنهم ناعسون. إن أقلامهم لا تثير في جو الفكر حراكاً. وهنا الفرق بين أدبائنا وأدباء أوربا).
إن يكتب الأدباء (كأنهم ناعسون) ذلك لا يقع موقع العلة، بل ذلك مظهر من مظاهر الفتور أو قل مظهره الأسطع. إنما العلة تذهب إلى ما وراء هذا. العلة في انطواء كل واحد من الأدباء على نفسه وتشبثه بأسلوب واحد وتهاونه بالقارئ.
ترى الأديب المصري لا يعنى بما يجري حوله كأنه المؤلف الفرد. على أن الأديب سجلّ عصره إذ يدون مجرى التأليف، وينبه الأذهان إلى كتاب أو منحى أو مذهب أو ظاهرة اجتماعية أو ضيق معنوي. ولربما فطن أديب إلى ذلك فإذا به في غالب الأمر وأكثر الحال ينوه بصديق أو يقع في عدو أو يهمل كتاباً من الكتب جهلاً بفنه أو إنكاراً لنفاسته أو اتقاء لصاحبه أو تسامياً. أما التسامي فيدل على ذهاب بعضهم بأنفسهم على كل أحد وذلك من باب الغرور، وقصة الغرور معروفة. وأما الاتقاء فيدل على ضيق الصدر بالنقد، ومردّ هذا