للجماعة الدينية على حد تعبير (أ. هولت)(تاريخ خاص وصعيد خاص، وكيان اجتماعي خاص وخصائص وسلوك وأهداف وغايات خاصة)
ولهذه الجماعة في النظام الاجتماعي وظيفة مزدوجة. فهي بحكم هذا الوضع الخاص تلعب دورا كبيرا في صيانة النظام الاجتماعي الذي تعيش عليه، تدمج بعضه ببعض في تكافل محكم متين، وتوجهه توجيها عمليا إيجابيا على أسس العقيدة والطابع الديني الذي تدين به هذه الجماعة
وهي في الوقت نفسه وبحكم هذا الوضع الخاص تؤثر تأثيرا سليما في ذلك النظام، فهي تضمن التكافل الاجتماعي للفئة التي تندمج في تلك الجماعة تشوب طبائعهم وسلوكهم ومشاريعهم وأهواءهم وحياتهم الروحية والعملية في قالب خاص يتفق والتعاليم الدينية التي تؤمن بها. وبذلك تفصلها عن الفئات الأخرى النظام الاجتماعي الأكبر الذي تعيش فيه وقد تخلق من جراء ذلك تشويشا في العلاقات الإنسانية. وتاريخ الحروب الحديثة شاهد على مبلغ الصدق في هذا التعريف. وقد يكون هذا التشويش في صالح المجتمع الإنساني أو قد لا يكون. وليس المقام مقام شرح سماحة الأديان (والإسلام على وجه الخصوص) إزاء الديانات الأخرى. فلهذه النقطة مجال آخر سنعالجه في مكان آخر من هذا البحث
فلقد سبق ورأينا أن في السلوك الديني عناصر قوية تؤثر في الحقائق الاجتماعية. والجماعة الدينية التي حددناها في مستهل هذا المقال هي المادة الخام التي تتيح لنا دراستها للتعرف على الأثر السلبي والإيجابي التي تتركه في النظام الاجتماعي
فلقد قام الإسلام مثلا في جماعة محدودة من الناس وفي صعيد معين وفي قوم كان لهم خصائصهم ومقوماتهم الخلقية وأساليبهم في حياة الروح والجسد، وكان لهم كذلك أهدافهم وغاياتهم
ولم ينتشر الإسلام في مثل هذه السرعة العجيبة إلا لأمرين: أولهما: تمكنه من صياغة روح