[بمناسبة ذكرى وفاة الإمام]
وقفة على دار الإمام محمد عبده بعين شمس
للشاعر الحاج محمد الهراوي
أظلاماً وأنت في عين شمس ... وعبوساً من بعد صفو وأنس؟
كيف أصبحتِ يا مثابة غاد؟ ... كيف أمسيتِ يا منارة ممسي؟
كنت والعهد منك غير بعيد ... بيت مَلك بغير تاج وكرسي
كنتِ للفضل والمكارم والنب ... ل جميعاً، للناس من كل جنس
كنت للعلم، والمعلم، والطا ... لب، مجلي نهي، ومعهد درس
عطلت هذه الدروس وكانت ... ملء أهل الزمان في كل حس
وانطوت ثم لا يزال صداها ... بين صدر يرن فيه وطرس
فانظر الدار وهي قفر خلاء ... بعد أهل، فهل ترى من محس؟
واسأل الرسم إن أصبت جواباً ... في كلام أو في إشارة خرس
هيه يا دار بعد أنس أجيبي ... كيف أوحشت بين يوم وأمس؟
لا تراكِ العيون من دمعها المس ... بل حزناً، إلا بنظرة خلس
نظرات تعيد ذكرى إمام ... كاد ينسى، وصنعه غير منسي
حسدت مجدك الليالي فمالت ... بعد لين عليك ميلة بأس
أقفرت هذه الربوع وأقوت ... واستحالت إلى معالم درس
لا يكاد البناء يقوى على الأر ... ض ولا يثبت الجدار بلمس
ما بناك الذي بناك ليزهى ... بالذي شاد من قباب وأس
هو لو شاء شاد عرشاً وفرشاً ... من لجين ومن حرير الدمقس
إنما آثر التواضع حكماً ... للذي فيه من تواضع نفس
ليس يعني بزخرف العيش حُرٌّ ... قطع العيش بين نفي وحبس
فأقام البناء من لبنات ... خشنات أطرافها غير مُلس
لا يبالي وكل شيء سيبلى ... أن يطوف البلى عليه بطمس
أنكر النفس ثم باع هواها ... في سبيل الأوطان بيعة بخس