للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[التاريخ في سير أبطاله]

إبراهام لنكولن

هدية الأحراج إلى عالم المدنية

للأستاذ محمود الخفيف

يا شباب الوادي خذوا معاني العظمة في نسقها الأعلى من

سيرة هذا العصامي العظيم. . . . . .

- ٢٣ -

وإنه ليحق للمرء أن يتسأل: ألم يكن في طاقة القائمين بالأمر يومئذ تجنب تلك الحرب الضروس؛ تلك الفتنة التي لم تصب أوزارها فريقاً دون فريق؟

إن هناك من يعتقدون أنهم قادرين على تجنب ذلك الصراع العنيف، وهؤلاء ومن يرى رأيهم من المؤرخين يأخذون الساسة باللوم الشديد، لا يعفون منهم أحداً؛ ويجعلون نصيب كل من اللوم على قدر ما تواتي له من الجاه والنفوذ؛ ولذلك فقد كان لنكولن عندهم أول الملومين وكبير المسؤولين عن ويلات تلك الحرب وبلى لنكولن في ذلك جفرسون زعيم الاتحاد الجنوبي

ولكن الذين يتوخون الأنصاف يرون أن الحرب كانت أمراً لا محيص عنه؛ كان مردها إلى حركة ولدتها الأيام فما زالت تنمو حتى اتخذت آخر الأمر سبيلاً لم يكن في الإمكان أن تسلك غيرها، لم تكن تلك السبيل لتؤدي إلى غير ما أدت إليه من نهاية دامية؛ ومن ذا الذي يستطيع أن يلوي الأيام عن وجهها؛ أو أن يتصرف في الحادثات ليجعلها تفضي إلى نتيجة بعينها؟

لقد كان للزمن وللبيئة حكمها الذي لا ينقض وفعلها الذي لا يقف وسنتها التي لا تبديل لها؛ فهؤلاء أهل الشمال كانوا كما ذكرنا أهل صناعة وأهل ثقافة بينما كان إخوانهم في الجنوب أهل زراعة، ولم يك يتوفر لهؤلاء من العلم مثل ما كان يتوفر منه لأولئك الشماليين

وكانت أعمال الزراعة في الجنوب تتطلب الأيدي الكثيرة، وبخاصة حينما بدأت النهضة

<<  <  ج:
ص:  >  >>