للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[آلام بيتهوفن]

للدكتور فضل أبو بكر

ولد بيتهوفن بمدينة (بون) التابعة لمقاطعة (بروسيا) الشرقية بألمانيا في السابع عشر من ديسمبر سنة ١٧٧٠ وهو - كما يعلم القارئ - ثالث الثلاثة - (موزار) و (باك) - الذين تفاخر بهم ألمانيا كما أدهشوا العالم في فن الموسيقى وكان أبوه - كوالد (موزار) موسيقياً بارعاً ولكنه على العكس من زميله نشا نشأة تعسة في طفولة بائسة مشردة لقسوة والده عليه ولمعاقرة ذلك الوالد للخمر وإدمانه عليها وهو ما طبع حياة الطفل وسرعة الغضب رغما عن نفسه وطيبة قلبه. وقد حكى عنه أنه بينما كان يعزف على عودة قطعة موسيقية وإذا بعنكبوت خرجت من مكمنها وتدلت من نسجها كأنما أطربتها ألحانه الشجية فضربتها أمه ضربة أماتتها مما أثار نفس الابن وجعله يحطم عوده من شدة الغضب.

بدأ نبوغ بيتهوفن في سن مبكرة كما بدأ يؤلف وينتج في فن الموسيقى في الثالث عشر من عمره وهو ما أثار دهشة مواطنيه.

كان (موزار) في ذلك الحين قد بلغ الذروة في عالم الفن وقد تعلق به بيتهوفن وأعجب بنبوغه وتفوقه في عالم الموسيقى فلحق به في مدينة (فينا) في ربيع سنة ١٨٧٨ يحمل توصية من أحد الكبراء لكي يحظى بمقابلة (موزار) فكان له ما أراد ورحب الفنان الكبير بزميله الشاب الصغير واكرم مثواه وأراد موزار أن يمتحن بيتهوفن ويتحقق بنفسه عما يذاع عنه من بوادر النبوغ فأعطاه قطعة موسيقية صعبة معقدة ورجاه أن يعزفها على البيان فأبدى الشاب من الكفاءة والنبوغ ما حير (موزار) الذي لم يملك نفسه من فرط الإعجاب فصاح فيمن حوله (تأملوا) هذا الشاب الصغير! إنه سوف يترك في الدنيا دويا وسوف يتكلم عنه العالم أجمع) على حد قوله المتنبي:

وأستكبر الأخبار قبل لقائه ... فلما التقينا صغر الخبر الخبر

أما من حيث تكونيه الجسمي فقد كان قصير القامة واسع الصدر ضخم الرأس والعنق قصيرها مما يزيد من قماءته غليظ الشفتين بارز الجبهة والحنك قصير الأنف وفي عينيه قوة معبرة وشعاع نافذ وإذا ما غضب وحدج بهما إنسانا فكأنما يتطاير منهما الشرر ويكسو رأسه شعر كثيف أسود كدجى الليل يتعذر على المشط أن يجوس خلاله أو يقوم ما أعوج

<<  <  ج:
ص:  >  >>