لم يكتبها بعد، ولست ادري إن يرد أن يكتبها أم لا؟ ولكن الشيء الذي لاشك فيه هو انه قد مثلها ومثلها تمثيلاً رائعاً، احب أن تشعر بروعته في هذا الحديث الذي أسوقه اليك، ولست آسف إلا لشيء واحد، وهو أنك ستشعر بهذه الروعة جملة وفي وقت قصير هو وقت نظرك في هذا الحديث، على حين شعرت أنا بهذه الروعة واستمتعتُ بلذتها الفنية تفصيلاً وفي وقت طويل، يبلغ العام أو يكاد يبلغه.
ولم يمثل الأستاذ توفيق الحكيم قصته هذه التي لم تكتب بعد، في ملعب من ملاعب القاهرة المعروفة، ولو قد فعل لشهدتها أنت وغيرك من الناس من النظارة. فأي الناس يستطيع أن يتخلف عن شهود قصة للأستاذ توفيق الحكيم يمثلها بنفسه، ويشترك معه في هذا التمثيل جماعه من المصريين المعروفين، أنا أحدهم. لم يمثلها إذن في ملعب ضيق محدود، وإنما مثلها في ملعب واسع جداً بعيد الأقطار والآماد هو ملعب الحياة. وما دام لم يمثلها في ملعب معروف، ومادام لم يخرجها للناس في كتاب، فأنا بالطبع عاجز عن أن أحدثك برأي النقاد فيها. لأن النقاد أو لأن كثرة النقاد لم يشهدوها.
وأنا أريد أن أحتاط فلا أحدثك برأي في هذه القصة، من جميع وجوهها وأنحائها لان الحر شديد، ولأن للحر الشديد تأثيراً في نفس الأستاذ توفيق الحكيم وقلمه. والناس جميعاً يعلمون أنى محبٌ للأستاذ معجب بقلمه، وأقل ما يوجبه على الحب والإعجاب أن أكون رفيقاً شفيقا، حين يشتد القيظ ويخشى من شره على الرؤوس والنفوس والأقلام. وهذا العنوان الذي وسمت به هذه القصة لا يعدو أن يكون اقتراحاً قد يعدل عنه الأستاذ توفيق الحكيم إن خطر له أن يكتب قصته فما ينبغي لمثلك ولا لمثلي، بل ما ينبغي لخير منك ولا خير مني، أن يقترح على الأستاذ أو ينصح له، فالأستاذ اكبر من ان يقترح عليه مقترح، وأن ينصح له ناصح، مهما يكن مخلصاً أميناً.
وما دامت هذه القصة لم تمثل في ملعب محدود، ولم تخرج للناس في كتاب، فان نظامها وترتيب فصولها وتنسيق مناظرها وما يكون بين أشخاصها من حركاتُ متكلفة، وحوار