كانت الخلافة من أهم الأمور التي فرقت صفوف العرب والمسلمين، ذلك لأن الخليفة هو الذي يتولى أمور المسلمين الدينية والدنيوية. وهذا مقام رفيع دونه كل مقام في الإسلام يطمع فيه القوي. وقد تطاحنت الأسر القرشية في سبيلها منذ صدر الإسلام. وحاول كل حزب أن يجعل له صبغة دينية يقوى مركزه بها بين الأحزاب المعارضة، فظهر في الإسلام فرق وطوائف عديدة كان الكثير منها دعوة دنيوية ولكنها تسير تحت ستار من الدين. وبعد القضاء على الحركة تبقى صبغتها الدينية بين أتباعها وتستحيل إلى مذهب ديني. وعلى مر الدهور يتطور هذا المذهب ويدخله الأساطير والتعاليم الشاذة. ولربما استحال إلى دعوة هدامة أو مذهب مغال أو فرقة باطنية منفصلة عن الإسلام. والتتبع لتاريخ الإسلام يرى الكثير من هذا. فحركات الخوارج، وحركة المختار الثقفي، والقرامطة، والفاطمية والدروز، والنصيرية، كلها نشأت وتطورت على هذا المنوال
وأصل اليزيدية فرقة إسلامية أموية سارت باسم الدين إلى مناصرة بني أمية في الخلافة والدفاع عنهم وناوأت (آل البيت) - أقوى حزب ناضل الأمويين - وعلى مر العصور تطورت إلى فرقة صوفية (عَدَوية) على يد رجل أموي، ففرقة مغالية في حب (يزيد بن معاوية)، ففرقة خارجة عن الإسلام. كل ذلك كان في سبيل الخلافة وإرجاعها إلى بني أمية بعد سقوط دولتهم في الشرق
إن أقوى نزاع شهده العالم الإسلامي على الخلافة هو النزاع بين العلويين والأمويين. ذلك لأن العداوة بين بني أمية وبني هاشم قديمة. ففي الجاهلية تنازعوا على زعامة مكة. وفي الإسلام تجدد النزاع على الخلافة بعد مقتل (عثمان) فشق على الحزب الأموي أن تخرج الخلافة منهم بعد أن نالوها. خاصة وأن (الإمام علياً) عزل ولاة (عثمان) فهل يرضى (معاوية) أن يترك (الشام) وما فيها من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم بعد أن حكمها عشرين عاماً؟ أنكر بيعة (علي) ودعا لنفسه واستعمل دهاءه وكرمه في جلب دهاة العرب إليه فقوى أمره، وبعد مقتل الإمام (علي) تنازل (الحسن) عن الخلافة وصار الحزب الأموي هو الحاكم المطلق في الدولة