أهدي إلى الكاتب الألمعي الأستاذ أحمد حسين كتابه (الزواج والمرأة) ولقد قرأته بإمعان وتأمل فرأيته قد عرض لمسألة المرأة من نواح كثيرة موضع جدل ونقاش عنيف بين كتاب الاجتماع في العصر الحديث - عرض لنظرية الداعين إلى محاربة الغريزة الجنسية وتعطيل عملها في الحياة ولنظرية الدعوة إلى الإباحة الجنسية إطلاقاً وخطرها على الأمن والسلام. . . وعرض بإسهاب للدولة والأسرة، وأن الأسرة أوفق للمجتمع الصحيح ولنظرية التسوية بين الرجل والمرأة في الوظيفة، ولمسألة الزواج والأمومة، هل فيهما غض من شأن المرأة، ثم عرض للمرأة وحقوقها في الإسلام، وللبحث في السفور والحجاب وللشروط اللازمة لنجاح الحياة الزوجية
وفي الحق إن عرض الأستاذ لتلك النظريات والبحوث كان عرضاً شيقاً بديعاً وفي أسلوب رائع حكيم وأدب رفيع ومنطق سليم؛ ومما بهرني وأخذ في نفسي ما أثبته بالأدلة من الكتاب والسنة من حقوق المرأة في الإسلام مما لم يتوفر مثله للمرأة الغربية التي تحررت من القيود والأوضاع.
بقى أنه عرض في ختام كتابه لمسألة تعدد الزوجات والطلاق في الإسلام، ووددت لو كان قلم الأستاذ قد بلغ نهاية الشوط مجلياً، ولكنه للأسف حاول ربط آيتي العدل في النكاح:(وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة، ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم)، ليصل من ذلك إلى ما قصد إليه، وهو وجوب الاكتفاء بزوجة واحدة، وأن القرآن ذهب في رأيه إلى حد كاد يلغي معه هذا الحق (تعدد الزوجات) أصلاً، ولكن الربط الذي فهمه وقرره غير صحيح، فإن معنى العدل في الآية الأولى كما فسره فقهاء المذاهب جميعاً العدل في النفقة وفي المبيت، والعدل في الآية الثانية قصد به العدل المطلق، وهو يشمل المحبة والميل، وهذا ليس في استطاعة الإنسان مما لا يصح التكليف به، ولهذا أتبع الله ذلك بقوله:(فلا تميلوا كل الميل)، فقال صلى الله عليه وسلم ما معناه:(اللهم إني قد عدلت فيما أملك فاغفر لي فيما تملك وما لا أملك)، أي العدل في المحبة، وقد ثبت أنه عليه الصلاة والسلام كان