يحب بعض نسائه أكثر من البعض الآخر، وقد مرض مرة فكان يحمل من بيت إلى بيت استيفاء للعدل في المبيت بين أزواجه، فأستأذن نساءه في أن يتمرض في بيت عائشة فأذن له.
فالعدل في الآيتين ليس واحداً، والتوفيق بينهما ما قلناه، كما هو ظاهر واضح، وللأستاذ العظيم رأي في تعدد الزوجات غلا فيه عن أكثر القائلين بتقييده فهو يرى منع التعدد إطلاقاً ولأي سبب من الأسباب، وغيره يرى منع التعدد لعاجز عن الإنفاق على أكثر من واحدة فحسب.
ورأينا في تعدد الزوجات معروف وهو الإباحة المطلقة وفي تقييده شر مستطير. . . بعض هذا الشر يمس الأخلاق والآداب وبعضه يمس ناحية الاجتماع، والكلام في ذلك كثير لا تحتمله هذه العجالة العابرة.
أما الطلاق فله فيه رأي، وهو اشتراطه أن يقع في ساحة القضاء. . . فهو بهذا الشرط قيد حقاً ثابتاً منحه الشارع الحكيم للإنسان وأعطاه الحرية الكاملة أن يطلق حينما يشاء - واستحب أن يتقدم ذلك بعث حكم من أهل الزوج وحكم من أهل الزوجة (إن يريد إصلاحاً يوفق الله بينهما) ولكن الأستاذ على أي حال كان أيسر من غيره ممن رأى تقييد الطلاق بقيود لم تكن مشروعة في كتاب الله ولا سنة رسوله فهم يدينون من طلق بغير إذن القاضي ويرون تغريمه وحبسه بل الحكم عليه بالتعويض لمطلقته.
ولقد كتبنا في هذا الموضع ووفيناه حقه وأدرك جمهور المسلمين ما ينجم عن تعدد الزوجات وعن تقييد الطلاق من الشرور مما يهدد نظام المجتمع ويفسد قدسية الأخلاق.
وبعد فأننا نثني الثناء الجم على الأستاذ الجليل أحمد حسين لجهوده المشكورة التي بذلها في هذه البحوث القيمة ونظرياته السليمة، وندعو الله سبحانه وتعالى أن يكثر من أمثاله العاملين المجاهدين.