للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[أوزان الشعر]

الشعر العربي

للدكتور محمد مندور

(تتمة)

الواقع أن الارتكاز في اللغة العربية موضوع شاق لا يزال في حاجة إلى البحث، ونحن لا نظن أن المستشرقين يستطيعون بحثه، لأن معرفتهم باللغة مهما اتسعت لا يمكن أن تصل إلى الإحساس بمسائل موسيقية لغوية دقيقة كهذه. فهل مستطيعون نحن ذلك؟

ليسمح لي القارئ بأن أقول إنني قد حاولت حل هذا الإشكال في بحث طويل كتبته باللغة الفرنسية بعد دراسة وتحليل لثلاثة أبحر من الشعر العربي بمعمل الأصوات بباريس، وهي الطويل والبسيط والوافر.

ولنأخذ مثلاً من هذه الدراسة بيت امرئ القيس:

وليل كموج البحر أرخى سدوله ... علي بأنواع الهموم ليبتلي

فهو يوزن على مذهب أوالد كما يأتي، (مع رمزنا للمقطع القصير بالعلامة ب والطويل بالعلامة -):

ولكن هذا الوزن لا يبصرنا بالحقيقتين الكبيرتين اللتين يقوم عليهما الشعر في كافة اللغات، وهما: الكم والإيقاع.

الكم

نقصد بالكم لا كم كل مقطع منفردا، فذلك ما سبق أن أوضحناه، بل كم التفاعيل، فنحن هنا أمام تفاعيل متجاوبة (التفعيل الأول يساوي الثالث والثاني يساوي الرابع)، ولكننا مع ذلك نسلم بجواز زحافات وعلل، فكيف يستقيم الكم برغم هذه الزحافات والعلل التي تنقص من التفعيل في الغالب.

هذه المشكلة حيرت المستشرقين، ولقد حاول العالم الفرنسي الثبت جويار أن يحلها في كتاب له بعنوان: وفيه يطبق مواضعات الموسيقى وأصولها على الشعر العربي، ولكنه لا يدخل في حسابه غير الحروف الصائتة كما يفعلون في الموسيقى، فيغطى تلك

<<  <  ج:
ص:  >  >>