تشاء سخرية القدر اللاذعة أن تحملني قسراً، وأن تضطرني اضطراراً، وأن تخرج قلمي عما اعتاده نحو أساتذته من الإشادة بنتاجهم والفخر بأدبهم الذي يضفي علينا ألواناً من الثقافة الحق التي هي جماع ما في الأدب من رقة ودقة وجمال. . .
أقول: تشاء هذه السخرية المرة أن تحملني على نقد مقال لصاحب فجر الإسلام، وضحى الإسلام، بل صاحب الثقافة الناتئة في شمم المجد، السامقة في سماء الخلود. . . لِزَلَّةٍ زّلهَا، وكبوة كباها، ولا أحب أن أكون قاسياً شديداً فأقول:(إنها زلَّة وطنية، وكبوة قومُّية) سوف تكون سلاحاً ماضياً، وحجة دامغة في يد أعدائنا الذين يتصيدون هفواتنا، وأخطاءنا، والذين يستغلون عيوبنا الصغيرة الناشئة من جهل بعضنا، لتكون سيفاً يشهرونه في وجوهنا كلما هممنا أن نطلب العزة، وأن ننشد الكرامة، وأن ندَّعي الكفاية. .
إنما أحب أن أكون هادئاً ومرشداً إلى حقيقة ربما تجاهلها الأستاذ ليرفه عن قرائه، ويضحكهم بذكر عيوب إخوانهم وأبناء وطنهم، وليهرب في الوقت نفسه من عناء البحث المضني والتفكير المرهق، الذي لا يتفق مع هذا الحر.
وهذه الحقيقة: هي أن ضيوفنا الأجانب الذين يمتصون دماءنا، ويسلبون أموالنا، بمختلف الطرق وشتى الأساليب. . . يؤلمهم جداً، ويخيفهم جداً، أن يروا تلك النهضة المباركة التي قام بها المصريون، وتلك المزاحمة التي أوشكت أن تغلغل في كل شيء بعْد أن كان أغلب المهن المُزَاحَم فيها وقفاً على الأجانب دون غيرهم. لذلك تراهم يسرفون في اتهامهم وفي محاربتهم لجهودنا، بل تراهم يقاومون كل عمل مثمر لنا أشد المقاومة وأخسها وأبعدها عن الشرف والكرامة. . . فكيف بهم، وهم يرون أستاذاً جليلاً، وعالماً رزيناً، يعتقد المصريون فيه كل الخير، ويؤمنون بوطنيته أعمق الايمان، كيف بهم، وهم يرون الأستاذ يتطوع للدفاع عنهم بطعن شخصية مصرية بلُغة تبعث على احتقراها وتشويهها. ثم ينبري لتمجيد نفر منهم، وتكريم شخصيته بأسلوب يطفح إعجاباً، ويشجع على لئم يد صاحبها التي تعمل بسكون وهدوء، والتي لا تقلق راحة الأستاذ، بل تدفعه إلى النوم، لأنه لا يحس بها ولا