للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[من الشعر المنثور]

فجر القبرة

(مهداة إلى صديقي الأمير عمر الأيوبي)

للأستاذ خليل هنداوي

كثيرون يعرفون القبرة بشكلها الرمادي الأدكن وصوتها الرفيع المرنان، ولكن القبرة من الطيور الغريبة في حياتها وتأملها للحياة. . . . روحانية تبلغ أسمى ما تبلغه الروح، ومادية تنحط كثيراً؛ ففي حالتها الأولى تراها تغزو أطباق الجو عند منبلج الفجر تردد الغناء سكري بالجمال حتى إذا بزغت الشمس فزعت إلى الأرض تفتش عن غذائها، ذاهلة عن غنائها، ومثل هذا المشهد قد يصور أحسن تصوير حالة الذين يرقون إلى شمس المعرفة بأرواحهم ثم لا يقدرون على مقابلتها فيهبطون. . فلا الأرض تذهلهم عن السماء ولا السماء تفصلهم عن الأرض، ولا شوقهم بمنطفئ، ولا أرواحهم بساكنة. . . هؤلاء هم كهذه القبرة.

(خ. هـ)

أسمعها: أسمعها بعيدة عني، دانية مني!

أسمعها يشق غناؤها الفضاء الذي تفتح جفناه

أسمعها يتسلل شعاع قلبها مع شعاع الفجر!

قد انجلت - يا قبرتي - غياهب الليل بعد ما ظننت أن هذا الليل سرمد لا يزول

وانزاحت عن الأفق كتائب الظلمة بعد ما خلت أن هذه الألوان الربداء لا تحول

أراك تمعنين في التحليق. . .

حتى لا أرى أنامل الفجر تجذبك إليها

فماذا تركت في الجو بالأمس؟

أشيئاً تتفقدينه كل مطلع فجر؟

أم أمانة تستلمينها من الفجر؟

أرى جناحيك يرفان ويخفقان!

يربدان طوراً وطوراً يلتهبان

<<  <  ج:
ص:  >  >>