للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[في عالم الكتب: نقد وتعريف]

الزنابق الحمر لطاغور

ترجمة الأستاذ أحمد عبد الغفور عطار

للدكتور أحمد فؤاد الأهواني

من دلائل النهضة الحديثة في مصر، وفي الشرق العربي، أن يتحرك الأدباء إلى نقل نفائس الكتب عن لغاتها التي صدرت بها. ولم يكن الأمر كذلك منذ عهد قريب، بل كان يسعى الناقل إلى الإنجليزية أو الفرنسية يطلع فيها، وينقل عنها المؤلفات الفارسية أو الهندية أو الصينية. ونحن نعلم أن الترجمة مهما تكن أمينة فلن تقوى على نقل الآثار الأدبية بدقة تامة، ونعني بالآثار الأدبية الشعر والتمثيليات. وعلة ذلك أمور كثيرة، أهمها خصائص كل لغة مما يجري فيها من تعابير، وليس لها مثيل في اللغات الأخرى. وهذا هو السبب في اختلاف التراجم الفرنسية عن الإنجليزية للأصول اليونانية مثلاً. بل لقد تختلف الترجمة في اللغة الواحدة تبغاً لاختلاف ذوق المترجمين ومقدار فهمهم للأصول، ولذلك تتعدد التراجم للنص الواحد.

مما لاشك فيه إذن أن الناقل يبعد عن الأصل بعض الشيء، فإذا جاء ناقل وترجم الأصل عن لغة أخرى فقد ابتعد خطوة أخرى عن الأصل. ولذلك كانت الترجمة عن الأصل رأساً أفضل من الترجمة عن الترجمة.

ويسرنا أن نقرأ تمثيلية الزنابق الحمر للشاعر الهندي رابندرانت طاغور معربة رأساً عن الأصل البنغالي، بقلم الأديب أحمد عبد الغفور عطار الذي يقول في كلمته يقدم المسرحية: (وقد حاولت جهد المحاولة أن أنقل جو طاغور وروحه وفنه وبساطته، وأقترب في أسلوبي العربي من أسلوبه في البنغالية، فإن كنت قد وفقت فالحمد لله، وإلا فعذري إن كنت أميناً في النقل والترجمة، وبذلت غاية الوسع، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

والمترجم من مكة المكرمة، ولكنه درس في مصر؛ ولذلك لا يحس في أسلوبه أو عبارته أي غرابة عن اللغة المصرية. وهو يعرف اللغة البنغالية. وحدثني أنه استغرق في ترجمة هذه المسرحية ثلاث سنوات مع إنها صغيرة الحجم، وهذا شأن الفنان الذي يستغرق في فنه

<<  <  ج:
ص:  >  >>