أبو الأدب التركي الحديث الذي نزل من أفكار الترك وقلوبهم منزلة لم ينزلها غيره. والذي لا تزال آثاره مدونة في التأريخ التركي الحديث، محفوظة في قلوب الجبل الحاضر. ولد سنة ١٢٥٦هـ في أسرة مجيدة يجمع تاريخها كثيراً من كبار الدولة العثمانية وكان أبوه مصطفى عاصم بك فلكياً، وجدَّه - شمس الدين بك رئيس المابينفي عهد السلطان سليم الثالث، وأبو شمس الدين قعبودان أحمد راتب باشا الذي ينتهي نسبه إلى الصدر الأعظم - طوبال عثمان باشا.
وأبو الشاعر من يكي شهر وأمه من قونيجة في ألبانيا. وكان أبوه ديِّناً متصوِّفاً، فلمّا ولد المولود العظيم أخذه إلى أحد الدراويش فدعا له أن (يكون كمالاً للإسلام). تعلم كمال في دار أبيه ودرس فيما درس بها العربية والفارسية والفرنسية، ولم يتعلم في المدارس إلاّ تسعة أشهر.
وفي سن الثانية عشرة ذهب مع جده إلى قارص وكان يمضي أكثر أوقاته في الصين، ثم ذهب إلى صوفيا حيث شرع يقرض الشعر وهو في الرابعة عشرة من عمره. ثم عاد إلى اسطنبول وهو ابن١٧ فصار مترجماً في الباب العالي واتصل بجماعة من الأدباء الذين يكبّرون الشعراء القدماء ويسيرون على نهجهم فشارك في الشعر وعُرِّفَ به ونشر ديوانا صغيراً تسمى فيه (نامقا) كدأب شعراء الفرس والترك في اتخاذ اسم شعري يردده الشاعر في منظوماته فيعرف به.
وكان شناسي أفندي أحد أدباء الترك الذين تعلموا في فرنسا يحتذي الشعراء الفرنسيين ويحرض ناشئة الأدباء على اتباع أسلوب جديد في الأدب، وكان لمقالاته في جريدته (تصوير أفكار) أثر عظيم على نامق كمال وأضرابه من الشبان، فأُعْجِبَ كمال به وشارك في تحرير جريدته ودعا إلى تجديد تركيا في السياسة والأدب وعظمت مكانته. فلمّا فرّ شناسي أفندي إلى باريس ١٢٨٠هـ (١٨٦٤م) خلفه في تحرير الجريدة، فانتشرت (تصوير أفكار) انتشارا عظيماً.