كانت عداوة المركيز جواليتري الشاب أمير مقاطعة سالوزو للنساء سافرة، يجاهر بها هو، ويعرفنها هن، لأنه ما كان مؤمناً يوماً بوجود امرأة وفية برة تصدق العهد وترعى الذمة والميثاق!!
وكان ذلك سبب ابتعاده عنهن وانصرافه إلى ضروب من اللهو بين وحوش الفلا وأزاهير الربى في عيش رقيق الحواشي ندى الظل، وغبطة تنسري في جوانحه وتشيع في محياه
وإذا كان هذا رأيه هو، فلم يكن هذا رأي شعبه، لأن الشعب لم يكن مجمعاً على خيانة المرأة، ولان الشعب يريد من يتولى الأمر بعد حاكمه. . . هذا إذا جرى قضاء الله عليه فدرج فمات!
لذلك هب أبناء شعبه يطالبونه بالزواج في إلحاح عليه شديد!
وتقدم إليه فريق من وجوه القوم بأسماء الحسان من بنات الأشراف ليقول كلمته في إحداهن، وألحفوا عليه في ذلك، فكان جوابه:
- أنه وحده صاحب الحق فيمن يختارها زوجاً لنفسه، وأماً لولي عهده، وإذا كان للشعب أن يطالب حاكمه بولي من بعده، فليس له أن يتحكم في التي يختارها لهذا الخلف أماً!
. . . ثم اتفق معهم على أن يكون أعز اختيار زوجه له، لاحق لأحد أن يعارضه أو يناقشه فيه، وهكذا كان.
فإن المركيز لخارج من قصره إلى قرية منه يختال على جواده، إذ بصر بقروية من بنات الرعاة تحمل الماء من بئر قريبة إلى دارها في وداعة أخاذة استوقفته قليلا، ثم اقترب منها يسألها عن عساها تكون؟!
- اسمي جريزيلدا يا سيدي!
ووقف المركيز الشاب أمام جريزيلدا هذه دهشاً قد علق قلبه، وذهل لبه، واشتغل خاطره،