قرأت ما كتبه الأستاذ سعيد العريان تحت هذا العنوان في الرسالة، كما قرأت كل ما كتبه عن (مصطفى صادق الرافعي)
قرأته تحت تأثير عامل نفسي خاص، ذلك أنه كان لي رأي في المرحوم صادق الرافعي، لعل فيه شيئاً من القسوة. ولما كنت على ثقة أن هذا الرأي لم يتدخل في تكوينه عندي أي عامل خارجي، وإنما كانت نتيجة لعدم التجاوب بين آثاره الأدبية وبيني، فقد كنت في حاجة لأن أسمع من أصدقاء الرافعي ما عساه يخفف شدة هذا الحكم، ويكشف لي عن بعض حياة الرجل التي اشتركت في تكوين أدبه، فلعل فيها تفسيراً وتبريراً لما كنت أراه فيه، مما يستدعي قسوة الحكم، وشدة النفور
وكنت أخذت ألمح من كتابات الأستاذ سعيد أنه صديق له، مطلع على الكثير من أسرار حياته، وعوامل إنتاجه، فقلت: اتبعه فلعلك منقلب صديقاً للرافعي أو محايداً بالنسبة له!
والقصة بين الرافعي وبيني أنني قرأت له أول ما قرأت كتابه:(حديث القمر) فأحسست بالبغضاء له. أجل بالبغضاء، فهي اصدق كلمة تعبر عن ذلك الإحساس بين العقاد الذي خالجني إذ ذاك. ولم تكن ثارت بين العقاد وبينه إذ ذاك خصومة، ولم أكن سمعت شيئاً عنه من العقاد أو سواه، مما قد يكون سبباً في هذه البغضاء. ولو خالجني هذا الشعور بعد خصومته للعقاد لوجدت بعض التفسير، فأنا لا أنكر أنني شديد الغيرة على هذا الرجل، شديد التعصب له، وذلك نتيجة فهم صحيح لأدبه واقتناع عميق بفطرته، لا يؤثر فيه أن تجف العلاقات الشخصية بيني وبينه في بعض الأحيان
ولقد كنت أكره نفسي بعد ذلك على مطالعة الرافعي، فتزداد كراهية لهذا اللون من الأدب، دون أن أجد التعليل. ذاك أنني كنت إلى هذا الوقت أديباً يتذوق فحسب، لا ناقداً يستطيع التعليل، ويصبر على التحليل