فقد عالم الشعر يوم الخميس الماضي (٣٠٦١٩٤٩) علماً من
أعلامه بوفاة خليل مطران، كما فقدت به وسائر الأقطار
العربية شاعراً كبيراً، عاصر حقبة مضطربة من حياتها
السياسية ولابس فترة انتقال في حياتها الأدبية، فكان في
الأولى ممن غضبوا للكرامة الوطنية وجاهدوا في سبيل
الحرية، وكان في الثانية أستاذاً من أساتذة الجيل الذين ارتادوا
آفاقاً جديدة في عالم الشعر العربي الحديث، فسبق أقرانه في
الابتعاد بافتنانه في المعاني والصور الشعرية الجديدة، ومهد
السبيل لمن أتى بعد المدرسة الشعرية القديمة من شعراء
اتجهوا بكل فهم إلى الحس والشعور والحياة. . .
نشأ خليل مطران في موطنه الأول لبنان، وأمضى به صدر شبابه، ثم هجره إلى باريس حيث اشترك في بعض الحركات الوطنية، ثم عاد إلى مصر وكان قد نزل بها في طريقه إلى باريس فطاب له المقام بها، واشتغل فيها بالصحافة، وشارك بالإنتاج الأدبي كتابة وشعراً، وكان من العاملين على رقي المسرح فترجم له وألف، وظل يغرد بأشعاره في وادي النيل حتى أخذ مكانه في الصف الأول من الشعراء المقدمين. وكان المطران إلى جانب ذلك نشاط في مجال الاقتصاد والمال، زاوج بينه وبين نشاطه الأدبي.
كان رحمه الله دقيق الجسم، رقيق الحس، كريم العاطفة، وكان من الذين تأكل مشاعرهم