للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[دفاع عن الشعر الجاهلي]

للأستاذ محمد عبد المنعم خفاجي

بقية ما نشر في العدد الماضي

- ٢ -

في المقالة ذكرنا آراء النقاد الذين يتعصبون على الشعر الجاهلي، وحددنا موقفنا منهم، وذكرنا بعض خصائص الشعر الجاهلي لترى رأينا فيها أحسنه هي أم معيبة يصح أن يطرح الشعر الجاهلي من اجلها، ونتابع الحديث في الجوانب الأخرى الباقية من خصائص الشعر الجاهلي لنستطيع أن نحكم له أو عليه

لاشك أن أهم طابع للشعر الجاهلي بعد الذي ذكرناه سابقا هو هذا الطابع البدوي الواضح الذي يفجؤك في شيء القصائد الجاهلية، مما هو اثر للبيئة والحياة الجاهلية. ونحن ندعو كما يدعو كل منصف إلى ترك هذا الاتجاه في الأداء والتصوير فقد اصبح لا يلائم منهج الحياة في القرن العشرين، كما أن إبراز هذا الطابع البدوي في شعر الشاغر المعاصر يكون تقليدا سخيفا لا مبرر له، ويحول دون ظهور نزعاته الفنية ومواهبه الخاصة المستقلة في شعره، وهذا ضرر بعيد

ومن آثار هذا الطابع في الشعر الجاهلي شدة تمثيلية للبيئة البدوية، وقد سار بعض الشعراء المحدثين على هذا النهج، فملأ وأشعرهم بصورة الحياة البدوية، من وصف النقاد والشعراء ودعوا إلى التحرر منه فقال مطيع بن إياس:

لأحسن من بيد تحار بها القطا ... ومن جبلي طي ووصفكما سلعا

تلاحظ عيني عاشقين كلاهما ... له مقلة في وجه صاحبها ترعى

وهذه دعوة جديرة بالعناية خليقة بالأيثار، وقد دعا المحددون في الأدب الحديث واكثروا من الدعوة إلى أن يكون الشعر صورة لحياة الشاعر ونفسيته وبيئته وعصره، وإلى أن يخلو من آثار التقليد للقدامى في أغراض الشعر وفنونه وموضوعاته وهذا اتجاه جليل قد سار بالشعر العربي الحديث خطوات واسعة نحو التجديد والجمال والروعة، فالشاعر الذي يكون غير مقلد في معناه أو في لفظه، ويكون صاحب هوية فنية في نفسه وعقله، ويتأثر ببيئته

<<  <  ج:
ص:  >  >>