الرواق العباسي هو أشهر أروقة الجامع الأزهر، وكان الأستاذ
الإمام محمد عبده عليه رضوان الله، يلقي فيه دروسه
التاريخية التي هي من مفاخر الأزهر، وقد شهد الرواق في
الأيام الماضية القريبة مناقشات الرسائل الفقهية التي تقدم بها
طلاب الأستاذية من كلية الشريعة، وكانت هيئة الامتحان
برياسة فضيلة الأستاذ الإمام المراغي الذي انتهز هذه الفرصة
ليلقي على الأزهريين أنفع الدروس، وبضرب لهم أحسن
الأمثال، فما أشبه الليلة بالبارحة!
شفاك الله يا صاحب (الرسالة) وألبسك ثياب الصحة ضافية، وأدالك من هذا المرض عافية سابغة كما يتمنى لك أصدقاؤك ومحبوك!
في مثل هذه الأيام من العام الماضي، كنت تكتب، وكنا نكتب معك عن (فقهاء بيزنطة) الذين شغلوا الناس عما يجدي من العلم النافع، والفقه المفيد، بالجدال في المحراب والشيطان وفائدة الأربعاء، كما شغلوهم من قبل زر العمامة:(أيبتر أم يُضفي، وفي شعر الذقن أيُخفى أم يُعفى، وفي قبور الموتى: أتسوّى بالأرض أم تقام!)
وكنت تأسف، وكنا نأسف معك، على الواقع الذي يكسف البصر، ويرمض الفؤاد، ويثير الظنون، من أن أحداً من هؤلاء السادة لم يضم إلى المكتبة الإسلامية - على كثرة ما أرغموها عليه من رسائلهم - سفراً واحداً يشرح للناس عبقرية هذا الدين، وفلسفة تشريعه، ووجوه إصلاحه، وأسباب خلوده، على ضوء العلم الكاشف، ونظام التأليف الحديث!
فليتك الآن كنت معافىً طليقاً، لم يعقدك هذا العاقد الكريه، لتشهد معنا (أيام الرواق)!
إذن لرأيت فقهاء من غير الطراز الذي أثار بالنقد قلمك، وأسال باللوم والتثريب بيانك،