للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[البريد الأدبي]

العيد المئوي لمعهد مصري جليل

كان الاحتفال بالعيد المئوي للمدرسة الخديوية حادثا فريداً في تاريخ مصر الثقافي والاجتماعي، فقد انقضت مائة عام كاملة مذ قام هذا المعهد الجليل ليعنى بالثقافة الإعدادية أو الثانوية؛ وكان قيامه في سنة ١٨٣٦ في أبي زعبل مكان مدرسة الطب القديمة، ثم الحق بعد ذلك بمدرسة الألسن الشهيرة التي كان مقرها مكان فندق شبرد الحالي، والتي كان مديرها العلامة الشهير رفاعة رافع بك الطهطاوي؛ ثم اعيد بعد ذلك إلى أبي زعبل، ثم إلى بولاق، ثم إلى العباسية، واستقر أخيراً في بنائه الحالي بسراي فاضل باشا بدرب الجماميز منذ سنة ١٨٨٨، اعني منذ ثمانية وأربعين عاما، وأطلق على المعهد اسم (المدرسة التجهيزية) إشارة إلى مهمتها في أعداد الطلبة للالتحاق بالمدارس العالية أو الخصوصية كما كانت تسمى في ذلك الوقت؛ ثم أطلق عليها اسم المدرسة الخديوية أيام إسماعيل باشا، وكان التعليم فيها داخليا مجانياً حتى أواخر القرن الماضي

وقد أنجبت المدرسة الخديوية خلال عمرها الطويل الحافل ثبتاً باهراً من العلماء والعظماء والزعماء في كل ضرب وفن، وزودت مصر الحديثة بمئات من أبنائها البررة الذين عملوا على تقدمها، وشادوا نهضتها الحديثة، وقادوها في مختلف نواحي حياتها العامة، وسهروا على مصايرها وتسديد خطاها طوال هذه الحقبة المليئة بالحوادث والخطوب من تاريخها. والمقام أضيق من أن يتسع لتعداد هذا الثبت الباهر؛ ويكفي أن نذكر أن صاحب المقام الرفيع مصطفى النحاس باشا زعيم مصر المستقلة هو من خريجي هذا المعهد الجليل، وان أكابر رجال الدولة الآخرين الذين شهدوا الاحتفال بصفة رسمية كرئيس مجلس الشيوخ، ورئيس مجلس النواب، ووزير المعارف كلهم من خريجيه، وان منهم أعلاما ساطعة كأميري الشعر الحديث صبري باشا وشوقي بك، وإمام الوطنية المصرية الشاب مصطفى باشا كامل

وكان الاحتفال بالغ الروعة والجلال؛ وقد بدئ في اليوم الأول، وهو يوم الاثنين الماضي بإقامة حفلة رياضية شائقة في النادي الأهلي اشترك في مباراتها كبار الرياضيين القدماء من خريجي الخديوية؛ وكان منظراً شائقاً مؤثراً أن ترى أولئك الكهول الذين شابت

<<  <  ج:
ص:  >  >>