منذ سنتين ونيف تقريبا قامت في الاتحاد السوفيتي حملة أدبية الغاية منها العود إلى المنشأ الصحيح للأدب والفن اللذين تمتاز بهما شعوب هذا الاتحاد. وهذا بحسب رأيهم لا يعني انهم يرفضون قبول أي أدب صحيح بأنهم من الخارج، وإنما يريدون أن يثبتوا للملأ أن ما ينسبونه في أدبهم إلى أمم أخرى هو في الواقع غير صحيح. وعلى هذا الأساس نشرت المجلة الأدبية السوفيتية (ليترانورنايا جازيتا) في عددها الصادر في ١٢ يناير لسنة ١٩٤٩ مقالاً مطولاً باللغة الروسية للأستاذ كليموفتش في موضوع (المهمة الأدبية اليومية الضاغطة) عالج فيه هذا الموضوع معالجة دقيقة تخلص منها إلى نفي القول بأن الأدب في الجمهوريات السوفيتية في القوقاز يرجع إلى الأدب العربي. وقد آثرت نقل خلاصة عن هذا المقال لخطورته، لما له من العلاقة المباشرة بنا
بعدما يتكلم كليموفتش عن مكانة الأدب في حياة الشعوب السوفييتية، وعن الاهتمام بجعله يتفق مع (التاريخ الأدبي الخطير الذي امتازت به روسيا)، يعود فيلقى تبعة كبرى على الأدباء في ضرورة تحرى الحقائق في تاريخ الأدب في الشرق السوفيتي. ومن ثم يبدأ بحث هذا الأدب وعلاقته بالأدب العربي فيقول بأنه يعتقد بوجود علاقة بين الأدب في هذه الجمهوريات وبينه في تركيا وإيران والعالم العربي؛ ولكنه في نفس الوقت ينكر كل الإنكار ما يذهب إليه بعض الأدباء بأن منشأ الأدب في هذه الجمهوريات السوفيتية هو الأدب التركي والإيراني (الفارسي) والعربي. ولكي يضع النقط على الحروف ويفهم شعوب الجمهوريات السوفيتية الشرقية ما هي علاقة أدبهم بالأدب العربي يقول:
(إن العرب عندما تخطوا حدود جزيرتهم العربية في القرن السابع الميلادي، وتغلبوا على بلدان أخرى، ألفوا منها إمبراطوريتهم الإقطاعية التي عرفت باسم الخلافة، وهدوا شعوبها إلى الإسلام، عملوا على نشر لغتهم كلغة رسمية، على أساس أن القرآن قد أنزل بها، وأنها لغة الله نفسه، وأن ترجمة القرآن إلى لغات هذه الأمم بان في نظرهم تجديفاً. أما من ناحية مستوى العرب الثقافي فقد كانوا أقل حضارة وثقافة من الكثير من الشعوب التي تغلبوا عليها ولكي يحافظ العرب على سيادتهم عملوا على التخلص من تراث الأمم الأخرى