للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج:
ص:  >  >>

[إلى طلبة التوجيهية:]

شاعران في المنفى

للأستاذ أحمد محمد الحوفي

تمهيد - موضوعات القصيدتين - الصور والخيال - الأسلوب

- كلمة عامة. . . . . .

- ١ -

شاعران مصريان معاصران تغنيا بمصر وأخلصا لها الحب، فكان جزاؤهما النفي، أما أحدهما فمحمود سامي البارودي، وأما الآخر فأحمد شوقي.

نفي البارودي إلى جزيرة سرنديب في أعقاب الثورة العرابية؛ لأنه أحد زعمائها وقادتها، ونفي شوقي إلى الأندلس في أول الحرب العالمية الأولى؟ لأنه يناهض الاحتلال البغيض، ولأنه شاعر الخديوي عباس وترجمانه، وهوى مولاه وهواه مع تركيا، وهي يومئذ في صف ألمانيا ضد إنجلترا، وقد حيل بين الخديوي ومصر فليبعد شاعره شوقي من مصر.

قضى البارودي في منفاه سبعة عشر عاماً يتسلى فيها بالشعر، وينفس به عن نفسه، وقضى شوقي في منفاه خمسة أعوام يردد النظر في شعر الأقدمين، ويصور ما يعتلج بنفسه من ألم وحنين.

وتجلت في شعر كل منهما نزعته وطبيعته، فالبارودي يتحسر على أيامه السعيدة بمصر، ويكثر من ذكر الروضة والمقياس والحسان المائسات على الجسر، ويود أن تكتحل عيناه بمرأى مصر، ويفتخر بشجاعته في الحرب، لأنه من رجال الجيش.

وشوقي يأسى على عهده النضير بمصر، ويتغنى بطبيعتها المزدانة الفاتنة، ويتوق إلى الرجوع إليها، وبمجد ماضيها العظيم ويفخر بجلاله، ويتحدث بآثارها الخالدة، ولا ينسى مجد العرب والإسلام في الشرق والغرب فينوه به، منساقاً في ذلك مع ثقافته التاريخية الواسعة.

وإذا كانت النعم أحياناً تجنى من لهب الشدائد فإن نفى الشاعرين بلية أجنت الأدب حلو الجنى، إذ أثرته بكثير من القصائد الجياد قد بعثها عاطفة جياشة بالألم والحرمان والشوق

<<  <  ج:
ص:  >  >>