لاشك أن الدافع الأول إلى الاستعمار هو العامل الاقتصادي. فالدول الاستعمارية إنما تقصد بوضع يدها على المستعمرات إلى أن تضمن لنفسها إنتاج هذه البلاد سواء أكان زراعيا أم حيوانيا ام معدنيا، كما تضمن أن تكون هذه المستعمرات أسواقا لتصريف مصنوعاتها. وكل هذا يحقق رفاهية الشعب المستمر ورخاءه، وهكذا يسعد بعض الشعوب ويشقى البعض الآخر
تلك هي قصة الاستعمار منذ نشأته، وستظل كذلك ما بقي! أنه الدليل الحي على ظلم الإنسان للإنسان وجشعه وطمعه وأنانيته.
ولم تختلف قصة الاستعمار الهولندي لإندونيسيا عن غيرها من القصص، فقد ظل الهولنديون يدأبون على وضع يدهم على منتجات إندونيسيا وخيراتها وأرضها وعلى تسخير الإندونيسيين في العمل والإنتاج حتى تم لهم ذلك، فأصبحوا يسيطرون تماماً على الاقتصاد الإندنوسي وجنت هولندا (بقالة أوربا) وشعبها من وراء ذلك أرباحاً طائلة وسعد الهولنديين بينما كان الإندونيسيون لا يجدون القوت! وكثيراً ما أستخدم الهولنديون القسوة في دفع الإندونيسيين إلى العمل، ولما وجهه إليهم اللوم قالوا إنا نفعل ذلك لأن فيه صلاح الإندونيسيين وهذا هو الاستعمار: شر وبلاء وفقر ومذله!
وقد كانت الشركة الهولندية الشرقية أول محتكر لإندونيسيا ولكن منذ ١٨٧٠ سمح للرأسماليين الهولنديين باستثمار أموالهم في إندونيسيا فامتلأت البلاد بشركاتهم ومؤسساتهم، وعاد الربح الوفير على الشركات الهولندية والهولنديين
راع الدول الكبرى ما تجنيه هولندا من أرباح فطلبت أن تسمح لرعاياها باستثمار رؤوس أموالهم في إندونيسيا، واضطرت هولندا إلى اتباع سياسة (الباب المفتوح) فتدفقت رؤوس الأموال الأجنبية من هولندا وإنجليزية وأمريكية وفرنسية وألمانيا ويابانية على إندونيسيا