منح الكاتب الإيطالي بيراندللو جائزة نوبل للآداب، فجاء ذلك القرار برهاناً جديداً قوياً على خطر الدور التجديدي الذي أداه بيراندللو في تطور المسرح الإيطالي المعاصر. فقد كان المسرح الإيطالي منذ عام ١٨٧٠ حتى الحرب العالمية يعاني تدهوراً شديداً حتى دفع ذلك الناقد بنجمان كريمو إلى أن يعتبر المسرح الإيطالي أثناء هذه الفترة الطويلة خارجاً عن دائرة الأدب الصحيح. والواقع أن من العسير أن يشعر الإنسان بوجود فن مسرحي في إيطاليا خلال نصف القرن الذي سبق الحرب العظمى إلا بأعمال الكاتب الكبير جبرييل دانونزيو، وبعض أعمال عدد من الكتاب مثل وبراكو وسمبنللي
لم يكن التأليف المسرحي ضعيفاً فحسب، بل إن محاولات الكتاب
الخائرة كانت تعيش كَلاً على الآداب الأجنبية، وتمعن في تقليد الكتاب
الفرنسيين، وأخصهم دوماس الصغير وأوجييه. ثم الكتاب الروس
والكاتب النرويجي ابسن فيما بعد
وكان المسرح الإيطالي في هذه الفترة من العبودية، بحيث كانيتغير بتغير العوامل المؤثرة فيه. فعندما قوى المسرح في فرنسا، لقى ذلك التغير صداه السريع في المسرح الإيطالي فسادت روح المؤلفين، وكانت هذه الروح من القوة بحيث تشبه الثورة على فن دوماس وأوجييه اللذين كانا يطبعان المسرح الإيطالي بطابعهما حتى ذلك الوقت
على أن التحرر من سيادة فن دوماس وأوجييه لم يكن إلا بنقل السيادة من يد إلى أخرى، وكانت هذه اليد هي فن ابسن الذي يغذي المسرح الواقعي الإيطالي بمشاكله التي يعالجها، وبمواقف أبطاله حتى أوائل الحرب الماضية. كان للمسرح الواقعي بعض القوة، إلا أن تكرار معالجة المشاكل التي عالجها ابسن في قصصه خلق نوعاً من الملل الشديد فقامت محاولات جديدة لبناء مسرح كان من زعمائه قبل الحرب سمبنللي، وبعد الحرب أركول (١٨٨٢ - ١٩٢١). على أن هذا المسرح أيضاً لم يؤد إلى الغرض المنشود، لأنه بالغ في رومانتيكيته حتى كانت قصصه أشبه بالأساطير القديمة، وكان أظهر عوامل الضعف فيه